المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة محمد: [الآية 3]
سورة محمد | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (36) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (37) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (38) .
وَاللَّهُ الْغَنِيُّ» لأنه لم يطلب تكوين الموجودات لافتقاره إليها ، وإنما الأشياء في حال عدمها الإمكاني لها تطلب وجودها ، وهي مفتقرة بالذات إلى اللّه الذي هو الموجد لها لفقرها الذاتي ، فهي تطلب وجودها من اللّه ، فقبل الحق سؤالها وأوجدها لها ولأجل سؤالها ، لا من حاجة قامت به إليها ، لأنها مشهودة له تعالى في حال عدمها ووجودها ، والعبد ليس كذلك ، فإنه فاقد لما افتقر إليه في حال عدمه ، وإن كان غير فاقد له علما ، إذ لولا علمه به ما عيّن بالإيجاد شيئا عن شيء ودون شيء ، غير أن العبد مركب من ذاتين من معنى وحس وهو كماله ، فما لم يوجد الشيء المعلوم للحس ، فما كمل إدراكه لذلك الشيء بكمال ذاته ،
فإن أدركه حسا بعد وجوده وقد كان أدركه علما ، فكمل إدراكه للشيء بذاته ، فتركيبه سبب فقره إلى هذا الذي أراد وجوده ، وإمكانه سبب فقره إلى مرجحه ، وأما الحق تعالى فليس بمركب ، بل هو واحد ، فإدراكه للأشياء على ما هي عليه من حقائقها في حال عدمها ووجودها إدراك واحد ، فلهذا لم يكن في إيجاده الأشياء عن فقر كما كان هذا للعبد ، ولهذا قال :" وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ "- راجع سورة فاطر آية 15 –
«وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» فأعطى اللّه في هذه الآية سبب الاستبدال ،
وهو التولي فقال : «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا» عما سألتموه من الإنفاق وبخلتم «يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» أي على صفتكم ، بل يعطون ما يسألون ، ويعني ما وقع منهم من المخالفة لأمر اللّه ، بل يكونون على أتم قدم وأقواه في طاعة اللّه
[ إشارة :قريب التجلي فما لك مولّ ؟ : ]
- إشارة - «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» قريب التجلي فما لك مول ؟ لا ترأس على من تبعك ، فإنه ما تبعك وإنما تبع سر الحق الذي أودعه فيك ، وكذلك أودعه في التابع ، غير أنك علمته منك بإعلام الحق إياك ، وما علم التابع ما عنده ، وتلك المناسبة التي جمعت بينكما ، فإن رأست عليه ووطّيته ، أبدلك الحق مكانه ، وأبدله مكانك .
(48) سورة الفتح مدنيّة
------------
(38) الفتوحات ج 1 / 734 - ج 2 / 534 - ج 1 / 586 - كتاب الإسفار - كتاب الشاهدتفسير ابن كثير:
ثم قال تعالى : ( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ) أي : إنما أبطلنا أعمال الكفار ، وتجاوزنا عن سيئات الأبرار ، وأصلحنا شئونهم ; لأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ، أي : اختاروا الباطل على الحق ، ( وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) أي : يبين لهم مآل أعمالهم ، وما يصيرون إليه في معادهم .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون { ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة }
تفسير البغوي
( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ) الشيطان ( وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) يعني القرآن ( كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) أشكالهم ، قال الزجاج : كذلك يبين الله أمثال حسنات المؤمنين ، وإضلال أعمال الكافرين .
الإعراب:
(ذلِكَ) مبتدأ (بِأَنَّ) الباء حرف جر وأن حرف مشبه بالفعل (الَّذِينَ) اسمها (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة الفعلية صلة (اتَّبَعُوا) ماض وفاعله والجملة خبر أن (الْباطِلَ) مفعول به وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ (وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ) معطوف على ما قبله (مِنْ رَبِّهِمْ) جار ومجرور حال (كَذلِكَ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف (يَضْرِبُ) مضارع (اللَّهُ) لفظ الجلالة فاعل (لِلنَّاسِ) متعلقان بالفعل (أَمْثالَهُمْ) مفعول به والجملة الفعلية مستأنفة.