Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة آل عمران: [الآية 73]

سورة آل عمران
وَلَا تُؤْمِنُوٓا۟ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىٰٓ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ۗ قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ ﴿73﴾

تفسير الجلالين:

وقالوا أيضاً «ولا تؤمنوا» تصدَّقوا «إلا لمن تبع» وافق «دينكم» قال تعالى: «قل» لهم يا محمد «إن الهدى هدى الله» الذي هو الإسلام وما عداه ضلال، والجملةُ اعتراض «أن» أي بأن «يؤتى أحدّ مثل ما أوتيتم» من الكتاب والحكمة والفصائل وأن مفعول تؤمنوا، والمستثنى منه أحد قدم عليه المستثنى المعنى: لا تقروا بأن أحدا يؤتى ذلك إلا لمن اتبع دينكم «أو» بأن «يحاجوكم» أي المؤمنون يغلبوكم «عند ربكم» يوم القيامة لأنكم أصح دينا، وفي قراءة: أأن بهمزة التوبيخ أي إيتاء أحد مثله تقرون به قال تعالى «قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء» فمن أين لكم أنه لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم «والله واسع» كثير الفضل «عليم» بمن هو أهله.

تفسير الشيخ محي الدين:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل

489



سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .

------------

(200) الفتوحات ج 4 / 482 ، 347 ، 482

تفسير ابن كثير:

وقوله : ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ) أي : لا تطمئنوا وتظهروا سركم وما عندكم إلا لمن تبع دينكم ولا تظهروا ما بأيديكم إلى المسلمين ، فيؤمنوا به ويحتجوا به عليكم ، قال الله تعالى : ( قل إن الهدى هدى الله ) أي هو الذي يهدي قلوب المؤمنين إلى أتم الإيمان ، بما ينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات ، والدلائل القاطعات ، والحجج الواضحات ، وإن كتمتم - أيها اليهود - ما بأيديكم من صفة محمد في كتبكم التي نقلتموها عن الأنبياء الأقدمين .

وقوله ( أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ) يقولون : لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين ، فيتعلموه منكم ، ويساووكم فيه ، ويمتازوا به عليكم لشدة الإيمان به ، أو يحاجوكم به عند الله ، أي : يتخذوه حجة عليكم مما بأيديكم ، فتقوم به عليكم الدلالة وتتركب الحجة في الدنيا والآخرة . قال الله تعالى : ( قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ) أي الأمور كلها تحت تصريفه ، وهو المعطي المانع ، يمن على من يشاء بالإيمان والعلم والتصور التام ، ويضل من يشاء ويعمي بصره وبصيرته ، ويختم على سمعه وقلبه ، ويجعل على بصره غشاوة ، وله الحجة والحكمة .

( والله واسع عليم )


تفسير الطبري :

قوله تعالى {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} هذا نهي، وهو من كلام اليهود بعضهم لبعض، أي قال ذلك الرؤساء للسفلة. وقال السدي : من قول يهود خيبر ليهود المدينة. وهذه الآية أشكل ما في السورة. فروي عن الحسن ومجاهد أن معنى الآية ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم لأنهم لا حجة لهم فإنكم أصح منهم دينا. و{أن} و{يحاجوكم} في موضع خفض، أي بأن يحاجوكم أي باحتجاجهم، أي لا تصدقوهم في ذلك فإنهم لا حجة لهم. {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} من التوراة والمن والسلوى وفرق البحر وغيرها من الآيات والفضائل. فيكون {أن يؤتى} مؤخرا بعد {أو يحاجوكم}، وقوله {إن الهدى هدى الله} اعتراض بين كلامين. وقال الأخفش : المعنى ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولا تصدقوا أن يحاجوكم؛ يذهب إلى أنه معطوف. وقيل : المعنى ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؛ فالمد على الاستفهام أيضا تأكيد للإنكار الذي قالوه أنه لا يؤتى أحد مثل ما أتوه؛ لأن علماء اليهود قالت لهم : لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؛ أي لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؛ فالكلام على نسقه. و{أن} في موضع رفع على قول من رفع في قولك أزيد ضربته، والخبر محذوف تقديره أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تصدقون أو تقرون، أي إيتاء موجود مصدق أو مقر به، أي لا تصدقون بذلك. ويجوز أن تكون {أن} في موضع نصب على إضمار فعل؛ كما جاز في قولك أزيدا ضربته، وهذا أقوى في العربية لأن الاستفهام بالفعل أولى، والتقدير أتقرون أن يؤتى، أو أتشيعون ذلك، أو أتذكرون ذلك ونحوه. وبالمد قرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد. وقال أبو حاتم "آن" معناه "ألأن"، فحذفت لام الجر استخفافا وأبدلت مدة؛ كقراءة من قرأ {أن كان ذا مال} [القلم : 14] أي ألأن. وقوله {أو يحاجوكم} على هذه القراءة رجوع إلى خطاب المؤمنين؛ أو تكون {أو} بمعنى {أن} لأنهما حرفا شك وجزاء يوضع أحدهما موضع الآخر. وتقدير الآية : وأن يحاجوكم عند ربكم يا معشر المؤمنين، فقل : يا محمد إن الهدى هدى الله ونحن عليه. ومن قرأ بترك المد قال : إن النفي الأول دل على إنكارهم في قولهم ولا تؤمنوا. فالمعنى أن علماء اليهود قالت لهم : لا تصدقوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أي لا إيمان لهم ولا حجة؛ فعطف على المعنى من العلم والحكمة والكتاب والحجة والمن والسلوى وفلق البحر وغيرها من الفضائل والكرامات، أي أنها لا تكون إلا فيكم فلا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا من تبع دينكم. فالكلام فيه تقديم وتأخير على هذه القراءة واللام زائدة. ومن استثنى ليس من الأول، وإلا لم يجز الكلام. ودخلت {أحد} لأن أول الكلام نفي، فدخلت في صلة {أن} لأنه مفعول الفعل المنفي؛ فإن في موضع نصب لعدم الخافض. وقال الخليل : (أن) في موضع خفض بالخافض المحذوف. وقيل : إن اللام ليست بزائدة، و{تؤمنوا} محمول على تُقِرّوا. وقال ابن جريج : المعنى ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم كراهية أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم. وقيل : المعنى لا تخبروا بما في كتابكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم إلا لمن تبع دينكم لئلا يكون طريقا إلى عبدة الأوثان إلى تصديقه. وقال الفراء : يجوز أن يكون قد انقطع كلام اليهود عند قوله عز وجل {إلا لمن تبع دينكم} ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم {قل إن الهدى هدى الله}. أي إن البيان الحق هو بيان الله عز وجل {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} بين ألا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، و{لا} مقدرة بعد {أن} أي لئلا يؤتى؛ كقوله {يبين الله لكم أن تضلوا} [النساء : 176] أي لئلا تضلوا، فلذلك صلح دخول {أحد} في الكلام. و"أو" بمعنى "حتى" و"إلا أن"؛ كما قال امرؤ القيس : فقلت له لا تبك عينك إنما ** نحاول ملكا أو نموت فنعذرا وقال آخر : وكنت إذا غمزت قناة قوم ** كسرت كعوبها أو تستقيما ومثله قولهم : لا نلتقي أو تقوم الساعة، بمعنى "حتى" أو "إلى أن"؛ وكذلك مذهب الكسائي. وهي عند الأخفش عاطفة على {ولا تؤمنوا} وقد تقدم. أي لا إيمان لهم ولا حجة؛ فعطف على المعنى. ويحتمل أن تكون الآية كلها خطابا للمؤمنين من الله تعالى على جهة التثبيت لقلوبهم والتشحيذ لبصائرهم؛ لئلا يشكّوا عند تلبيس اليهود وتزويرهم في دينهم. والمعنى لا تصدقوا يا معشر المؤمنين إلا من تبع دينكم، ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الفضل والدين، ولا تصدقوا أن يحاجكم في دينكم عند ربكم من خالفكم أو يقدر على ذلك، فإن الهدى هدى الله وإن الفضل بيد الله. قال الضحاك : إن اليهود قالوا إنا نحاج عند ربنا من خالفنا في ديننا؛ فبين الله تعالى أنهم هم المدحضون المعذبون وأن المؤمنين هم الغالبون. ومحاجتهم خصومتهم يوم القيامة. ففي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن اليهود والنصارى يحاجونا عند ربنا فيقولون أعطيتنا أجرا واحدا وأعطيتهم أجرين فيقول هل ظلمتكم من حقوقكم شيئا قالوا لا قال فإن ذلك فضلي أوتيه من أشاء). قال علماؤنا : فلو علموا أن ذلك من فضل الله لم يحاجونا عند ربنا؛ فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم يحاجونكم يوم القيامة عند ربكم، ثم قال : قل لهم الآن {إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}. وقرأ ابن كثير "آن يؤتى" بالمد على الاستفهام؛ كما قال الأعشى : أأن رأت رجلا أعشى أضر به ** ريب المنون ودهر متبل خبل وقرأ الباقون بغير مد على الخبر. وقرأ سعيد بن جبير "إن يؤتى" بكسر الهمزة، على معنى النفي؛ ويكون من كلام الله تعالى كما قال الفراء. والمعنى : قل يا محمد {إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم} يعني اليهود - بالباطل فيقولون نحن أفضل منكم. ونصب {أو يحاجوكم} يعني بإضمار "أن" و"أو" تضمر بعدها "أن" إذا كانت بمعنى "حتى" و"إلا أن". وقرأ الحسن "أن يؤتي" بكسر التاء وياء مفتوحة، على معنى أن يؤتي أحد أحدا مثل ما أوتيتم، فحذف المفعول. قوله تعالى {قل إن الهدى هدى الله} فيه قولان : أحدهما : إن الهدى إلى الخير والدلالة إلى الله عز وجل بيد الله جل ثناؤه يؤتيه أنبياءه، فلا تنكروا أن يؤتى أحد سواكم مثل ما أوتيتم، فإن أنكروا ذلك فقل لهم {إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}. والقول الآخر : قل إن الهدى هدى الله الذي آتاه المؤمنين من التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم لا غيره. وقال بعض أهل الإشارات في هذه الآية : لا تعاشروا إلا من يوافقكم على أحوالكم وطريقتكم فإن من لا يوافقكم لا يرافقكم. والله أعلم.

التفسير الميسّر:

ولا تصدِّقوا تصديقًا صحيحًا إلا لمَن تبع دينكم فكان يهودياً، قل لهم -أيها الرسول-: إن الهدى والتوفيق هدى الله وتوفيقه للإيمان الصحيح. وقالوا: لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين فيتعلمون منكم فيساووكم في العلم به، وتكون لهم الأفضلية عليكم، أو أن يتخذوه حجة عند ربكم يغلبونكم بها. قل لهم -أيها الرسول-: إن الفضل والعطاء والأمور كلها بيد الله وتحت تصرفه، يؤتيها من يشاء ممن آمن به وبرسوله. والله واسع عليم، يَسَعُ بعلمه وعطائه جميع مخلوقاته، ممن يستحق فضله ونعمه.

تفسير السعدي

{ و } قال بعضهم لبعض { لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } أي: لا تثقوا ولا تطمئنوا ولا تصدقوا إلا من تبع دينكم، واكتموا أمركم، فإنكم إذا أخبرتم غيركم وغير من هو على دينكم حصل لهم من العلم ما حصل لكم فصاروا مثلكم، أو حاجوكم عند ربكم وشهدوا عليكم أنها قامت عليكم الحجة وتبين لكم الهدى فلم تتبعوه، فالحاصل أنهم جعلوا عدم إخبار المؤمنين بما معهم من العلم قاطعا عنهم العلم، لأن العلم بزعمهم لا يكون إلا عندهم وموجبا للحجة عليهم، فرد الله عليهم بأن { الهدى هدى الله } فمادة الهدى من الله تعالى لكل من اهتدى، فإن الهدى إما علم الحق، أو إيثارة، ولا علم إلا ما جاءت به رسل الله، ولا موفق إلا من وفقه الله، وأهل الكتاب لم يؤتوا من العلم إلا قليلا، وأما التوفيق فقد انقطع حظهم منه لخبث نياتهم وسوء مقاصدهم، وأما هذه الأمة فقد حصل لهم ولله الحمد من هداية الله من العلوم والمعارف مع العمل بذلك ما فاقوا به وبرزوا على كل أحد، فكانوا هم الهداة الذين يهدون بأمر الله، وهذا من فضل الله عليها وإحسانه العظيم، فلهذا قال تعالى { قل إن الفضل بيد الله } أي: الله هو الذي يحسن على عباده بأنواع الإحسان { يؤتيه من يشاء } ممن أتى بأسبابه { والله واسع } الفضل كثير الإحسان { عليم } بمن يصلح للإحسان فيعطيه، ومن لا يستحقه فيحرمه إياه.


تفسير البغوي

قوله تعالى ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ) هذا متصل بالأول من قول اليهود بعضهم لبعض ( ولا تؤمنوا ) أي لا تصدقوا ( إلا لمن تبع دينكم ) وافق ملتكم واللام في " لمن " صلة ، أي لا تصدقوا إلا من تبع دينكم اليهودية كقوله تعالى : " قل عسى أن يكون ردف لكم " ( 72 - النحل ) أي : ردفكم ( قل إن الهدى هدى الله ) هذا خبر من الله عز وجل أن البيان بيانه ثم اختلفوا : فمنهم من قال : كلام معترض بين كلامين ، وما بعده متصل بالكلام الأول ، إخبار عن قول اليهود بعضهم لبعض ، ومعناه : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ، ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والكتاب والحكمة والآيات من المن والسلوى وفلق البحر وغيرها من الكرامات ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم لأنكم أصح دينا منهم وهذا معنى قول مجاهد .

وقيل : إن اليهود قالت لسفلتهم ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ( أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ) من العلم أي : لئلا يؤتى أحد ، و " لا " فيه مضمرة ، كقوله تعالى يبين الله لكم أن تضلوا ( النساء - 176 ) أي : لئلا تضلوا ، يقول : لا تصدقوهم لئلا يعلموا مثل ما علمتم فيكون لكم الفضل عليهم في العلم ، ولئلا يحاجوكم عند ربكم فيقولوا : عرفتم أن ديننا حق ، وهذا معنى قول ابن جريج .

وقرأ الحسن والأعمش ( إن يؤتى ) بكسر الألف ، فيكون قول اليهود تاما عند قوله : ( إلا لمن تبع دينكم ) وما بعده من قول الله تعالى يقول : قل يا محمد ( إن الهدى هدى الله أن يؤتى ) أن بمعنى الجحد ، أي ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ( أو يحاجوكم عند ربكم ) يعني : إلا أن يجادلكم اليهود بالباطل فيقولوا : نحن أفضل منكم ، فقوله عز وجل ( عند ربكم ) أي عند فضل ربكم بكم ذلك ، وهذا معنى قول سعيد بن جبير والحسن والكلبي ومقاتل . وقال الفراء : ويجوز أن يكون أو بمعنى حتى كما يقال : تعلق به أو يعطيك حقك أي حتى يعطيك حقك ، ومعنى الآية : ما أعطي أحد مثل ما أعطيتم يا أمة محمد من الدين والحجة حتى يحاجوكم عند ربكم

وقرأ ابن كثير ( آن يؤتى ) بالمد على الاستفهام وحينئذ يكون فيه اختصار تقديره : أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم يا معشر اليهود من الكتاب والحكمة تحسدونه ولا تؤمنون به؟ هذا قول قتادة والربيع وقالا هذا من قول الله تعالى يقول : قل لهم يا محمد ( إن الهدى هدى الله ) بأن أنزل كتابا مثل كتابكم وبعث نبيا حسدتموه وكفرتم به

( قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) قوله أو يحاجوكم على هذه القراءة رجوع إلى خطاب المؤمنين وتكون " أو " بمعنى أن لأنهما حرفا شرط وجزاء يوضع أحدهما موضع الآخر أي وإن يحاجوكم يا معشر المؤمنين عند ربكم فقل يا محمد : إن الهدى هدى الله ونحن عليه ، ويجوز أن يكون الجميع خطابا للمؤمنين ، ويكون نظم الآية : أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم يا معشر المؤمنين حسدوكم فقل ( إن الفضل بيد الله ) وإن حاجوكم ( قل إن الهدى هدى الله )

ويجوز أن يكون الخبر عن اليهود قد تم عند قوله ( لعلهم يرجعون ) وقوله تعالى : ( ولا تؤمنوا ) كلام الله يثبت به قلوب المؤمنين لئلا يشكوا عند تلبيس اليهود وتزويرهم في دينهم ، يقول لا تصدقوا يا معشر المؤمنين إلا من تبع دينكم ، ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الدين والفضل ، ولا تصدقوا أن يحاجوكم في دينكم عند ربكم أو يقدروا على ذلك فإن الهدى هدى الله ، و ( إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) فتكون الآية كلها خطاب الله للمؤمنين عند تلبيس اليهود لئلا يرتابوا .


الإعراب:

(وَلا تُؤْمِنُوا) لا ناهية جازمة. تؤمنوا: مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة (إِلَّا) أداة حصر (لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) لمن متعلقان بتؤمنوا تبع دينكم ماض ومفعوله وفاعله مستتر (قُلْ) الجملة اعتراضية (إِنَّ الْهُدى هُدَى) إن واسمها وهدى خبرها (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مقول القول وجملة (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ) أن حرف مصدري ونصب يؤتى فعل مضارع مبني للمجهول منصوب، وأن والفعل في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بتؤمنوا (أَحَدٌ) نائب فاعل وهو المفعول الأول مثل مفعول به ثان (ما أُوتِيتُمْ) ما اسم موصول في محل جر بالإضافة وجملة أوتيتم صلة الموصول (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) فعل مضارع معطوف على يؤتى منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعل.

(عِنْدَ رَبِّكُمْ) عند ظرف مكان متعلق بيحاجوكم (رَبِّكُمْ) مضاف إليه (قُلْ) الجملة اعتراضية (إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ الله) إن واسمها والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبرها الله لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مقول القول: (يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) مضارع والهاء مفعول به أول واسم الموصول مفعول به ثان وجملة يشاء صلة الموصول وجملة يؤتيه خبر ثان (وَالله واسِعٌ عَلِيمٌ) لفظ الجلالة مبتدأ وواسع عليم خبراه والجملة مستأنفة.

---

Traslation and Transliteration:

Wala tuminoo illa liman tabiAAa deenakum qul inna alhuda huda Allahi an yuta ahadun mithla ma ooteetum aw yuhajjookum AAinda rabbikum qul inna alfadla biyadi Allahi yuteehi man yashao waAllahu wasiAAun AAaleemun

بيانات السورة

اسم السورة سورة آل عمران (Al-i'Imran - Family of Imran)
ترتيبها 3
عدد آياتها 200
عدد كلماتها 3503
عدد حروفها 14605
معنى اسمها عِمرَانُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالمُرَادُ بِـ(آلِ عِمْرَانَ): عِيسَى وَأُمُّهُ مَريَمُ وَيَحْيَى عليه السلام
سبب تسميتها ذِكْرُ قِصَّةِ آلِ عِمْرَانَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (آلِ عِمرَانَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الكَنـْزِ)، وَسُورَةَ (الأَمَانِ)، وَتُلقَّبُ بِـ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها بَيانُ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَأَحْكَامِ الجِهَادِ وغَيرِهِ، وَردِّ شُبُهَاتِ النَّصَارَى
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ ِلنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ ﷺ: «اقرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أي سَحَابتانِ- أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَنْ أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ مِنَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِشَارَةُ إِلَيهَا. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ ...الآيَاتِ،وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (آلِ عِمْرانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (البَقَرَةِ): ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَوَاتِيم سُورَةِ (البَقَرَةِ) وفي أوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ).
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!