«إن الله يعلم ما» بمعنى الذي «يدعون» يعبدون بالياء والتاء «من دونه» غيره «من شيء وهو العزيز» في ملكه «الحكيم» في صنعه.
فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)
«فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» عندما بدت لهم آيات اللّه غير المعتادة ، ذهبت عنهم الغفلة «فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ» فعادوا إلى شركهم بعد إخلاصهم للّه.
------------
(65) الفتوحات ج 1 /
208
ثم قال تعالى متوعدا لمن عبد غيره وأشرك به : إنه تعالى يعلم ما هم عليه من الأعمال ، ويعلم ما يشركون به من الأنداد ، وسيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم .
قوله {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت} قال الأخفش {كمثل العنكبوت} وقف تام ثم قصتها فقال {اتخذت بيتا} قال ابن الأنباري: وهذا غلط؛ لأن {اتخذت بيتا} صلة للعنكبوت كأنه قال {كمثل التي اتخذت بيتا} فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصول وهو بمنزلة قوله {كمثل الحمار يحمل أسفارا} فيحمل صلة للحمار ولا يحسن الوقف على الحمار دون يحمل قال الفراء: هو مثل ضربه الله سبحانه لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره؛ كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا ولا يحسن الوقف على العنكبوت؛ لأنه لما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء فشبهت الآلهة التي لا تنفع ولا تضر به. {وإن أوهن البيوت} أي أضعف البيوت. {لبيت العنكبوت} قال الضحاك: ضرب مثلا لضعف آلهتهم ووهنها فشبهها ببيت العنكبوت. {لو كانوا يعلمون} {لو} متعلقة ببيت العنكبوت أي لو علموا أن عبادة الأوثان كاتخاذ بيت العنكبوت التي لا تغني عنهم شيئا وأن هذا مثلهم لما عبدوها؛ لا أنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف. وقال النحاة: إن تاء العنكبوت في آخرها مزيدة؛ لأنها تسقط في التصغير والجمع وهي مؤنثة وحكى الفراء تذكيرها وأنشد: على هطالهم منهم بيوت ** كأن العنكبوت قد أبتناها ويروي: على أهطالهم منهم بيوت ** قال الجوهري والهطال: اسم جبل والعنكبوت الدويبة المعروفة التي تنسج نسجا رقيقا مهلهلا بين الهواء ويجمع عناكيب وعكاب وعكب وأعكب وقد حكي أنه يقال عنكب وعكنباة؛ قال الشاعر: كأنما يسقط من لغامها ** بيت عكنباة على زمامها وتصغر فيقال عنيكب وقد حكي عن يزيد بن ميسرة أن العنكبوت شيطان مسخها الله تعالى وقال عطاء الخراساني: نسجت العنكبوت مرتين مرة على داود حين كان جالوت يطلبه ومرة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك نهي عن قتلها ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإن تركه في البيوت يورث الفقر ومنع الخمير يورث الفقر. قوله تعالى: {إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء} {ما} بمعنى الذي {ومن} للتبعيض ولو كانت زائدة للتوكيد لانقلب المعنى والمعني: إن الله يعلم ضعف ما يعبدون من دونه وقرأ عاصم وأبو عمرو ويعقوب {يدعون} بالياء وهو اختيار أبي عبيد لذكر الأمم قبلها الباقون بالتاء على الخطاب. قوله {وتلك الأمثال} أي هذا المثل وغيره مما ذكر في - البقرة - و- الحج - وغيرهما {نضربها} نبينها {للناس وما يعقلها} أي يفهمها {إلا العالمون} أي العالمون بالله كما روي جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه )
إن الله يعلم ما يشركون به من الأنداد، وأنها ليست بشيء في الحقيقة، بل هي مجرد أسماء سَمَّوها، لا تنفع ولا تضر. وهو العزيز في انتقامه ممن كفر به، الحكيم في تدبيره وصنعه.
{ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } أي: إنه تعالى يعلم -وهو عالم الغيب والشهادة- أنهم ما يدعون من دون اللّه شيئا موجودا، ولا إلها له حقيقة، كقوله تعالى: { إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ } وقوله: { وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وإن هم إلا يخرصون }
{ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكيم } الذي له القوة جميعا، التي قهر بها جميع المخلوقات، { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها، الذي أحسن كل شيء خلقه، وأتقن ما أمره.
( إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم ) قرأ أهل البصرة ، وعاصم : " يدعون " بالياء لذكر الأمم قبلها ، وقرأ الآخرون بالتاء .
(إِنَّ اللَّهَ) إن واسمها (يَعْلَمُ) مضارع فاعله مستتر والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها (ما) مفعول به (يَدْعُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة (مِنْ دُونِهِ) متعلقان بمحذوف حال (مِنْ شَيْءٍ) متعلقان بما تعلق به قبلهما.
(وَ) الواو حرف عطف (هُوَ) ومبتدأ (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) خبران والجملة مستأنفة لا محل لها.
Traslation and Transliteration:
Inna Allaha yaAAlamu ma yadAAoona min doonihi min shayin wahuwa alAAazeezu alhakeemu
Lo! Allah knoweth what thing they invoke instead of Him. He is the Mighty, the Wise.
Şüphe yok ki Allah, kendisinden başka neye tapıyorlarsa hepsini bilir ve odur üstün, hüküm ve hikmet sahibi.
Allah connaît toute chose qu'ils invoquent en dehors de Lui. Et c'est Lui le Tout Puissant, le Sage.
Gewiß, ALLAH kennt alle diejenigen, an die sie anstelle von Ihm Bittgebete richten. Und ER ist Der Allwürdige, Der Allweise.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة العنكبوت (Al-Ankabut - The Spider) |
ترتيبها |
29 |
عدد آياتها |
69 |
عدد كلماتها |
982 |
عدد حروفها |
4200 |
معنى اسمها |
(العَنْكَبُوتُ): الأُنْثَى، وَذَكَرُها: عَنْكَبُ، والجَمْعُ: عَنَاكِبُ وعَنَاكِيبُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بضَرْبِ الْمَثَلِ (بِالْعَنْكَبُوتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (العَنْكَبُوتِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ وَهَنِ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِن دُونِ اللهِ تَعَالَى وَبُطْلَانِ فِكْرِهِ وَعَقِيدَتِهِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ ...٦﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ ...٦٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقَصَصِ):لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الْقَصَصَ) بِالأَمْرِ بِتَوحِيدِ اللهِ تَعَالَى قَائِلاً: ﴿وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ ...٨٨﴾ نَاسَبَ ذَلِكَ افْتِتَاحَ (الْعَنْكَبُوتِ) بِقَولهِ: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢﴾. |