المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنبياء: [الآية 35]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنبياء | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (111) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (112 (
[ "قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ " ]
«قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي الحق الذي شرعت لنا ليثبت صدقي عند من أرسلتني إليهم فيما أرسلتني به ، فجاء بلفظ يدل على أنه وقع فقال تعالى مخبرا «قالَ» وهو عند العامة ما وقع ، فإنه يوم القيامة ، وما أخبر اللّه إلا بالواقع ، فلا بد أن يكون ثم حضرة إلهية فيها وقوع الأشياء دائما ، لا يتقيد بالماضي فيقال قد وقعت ، ولا بالمستقبل فيقال تقع ، ولكن
متعلقها الحال الدائم ، والحال له الوجود ، ومن هذه الحضرة الإلهية عنها تقع الإخبارات بالماضي والمستقبل ، والألف واللام في الحق للحق المعهود الذي بعث به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فإن اللّه لا يعاملنا إلا بما شرع لنا لا بغير ذلك ، ألا تراه قد أمر نبيه صلّى اللّه عليه وسلم أن يسأله يوم القيامة أن يحكم بالحق الذي بعثه به بين عباده وبيده ، فقال تعالى آمرا «قل» يا محمد ، وهي قراءة «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي فليكن حكمك في الأمم يوم القيامة بما شرعت لهم وبعثتنا به إليهم .
فإن ذلك مما يراد ، فإنك ما أرسلتنا إلا بما تريد حتى يثبت صدقنا عندهم ، وتقوم الحجة عليهم إذا حكم الحق في كل أمة بما أرسل به نبيه إليهم ، وبهذا تكون للّه الحجة البالغة ، فما حكم إلا بما شرع وأمر عبده أن يسأله تعالى في ذلك حتى يكون حكمه فيه عن سؤال عبده ، كما كان حكم العبد بما قيده من الشرع عن أمر ربه ، وأكثر من هذا التنزل الإلهي إلى العباد ما يكون ، وهل يحكم اللّه إلا بالحق ، فجعل الحق نفسه في هذه الآية مأمورا لنبيه عليه السلام ، فإن لفظة احكم أمر ، وأمره سبحانه أن يقول له ذلك ، فإن اللّه ما يعامل العبد بأمر إلا قد عامل به نفسه ، فأوجب على نفسه كما أوجب عليك ، ودخل لك تحت العهد كما أدخلك تحت العهد ، فما أمرك بشيء إلّا وقد جعل على نفسه مثل ذلك ، هذا لتكون له الحجة البالغة ، ووفى بكل ما أوجبه على نفسه ، وطلب منك الوفاء بما أوجبه عليك ،
أليس هذا من لطفه ؟ أليس هذا من كرمه ؟
ألا تراه تعالى لما قال لنبيه داود «فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوىقال تعالى جبرا لقلب خلفائه «قل» يا محمد «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» فيحكم بنفسه تعالى بالحق الذي بعث به رسله ليصدقهم عند عبيده فعلا بحكمه ، كما صدقهم في حال احتجابه بما أيدهم به من الآيات ، ولما كان الأصل في الحكم المشروع غلبة الظنّ ،
فإن الحاكم لا يحكم إلا بشهادة الشاهد ، وهو ليس قاطعا فيما شهد به من ذلك ، فما اختلف العلماء في حكم الحاكم بين الخصمين بغلبة الظن ، واختلفوا في حكمه بعلمه ، فكانت غلبة الظن في هذا النوع أصلا متفقا عليه ويرجع إليه ،
وكان العلم في ذلك مختلفا فيه ، والحق تعالى وإن لم يكن عنده إلا العلم فإنه يحكم بالشهود ، ولذلك جاء «قل رب احكم بالحق» أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فمع علمه تعالى يقيم على خلقه يوم القيامة الشهود ، فلا يعاقبهم إلا بعد إقامة البينة عليهم مع علمه ، وبهذا قال من قال : إنه ليس للحاكم أن يحكم بعلمه ، أما في العالم فللتهمة بما له
من الغرض ، وأما في جانب الحق فلإقامة الحجة على المحكوم عليه ، حتى لا يأخذه في الآخرة إلا بما شرع له من الحكم في الدنيا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلم ، ولهذا يقول الرسول لربه عن أمر ربه" رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ "
يعني بالحق الذي بعثتني به وشرعت لي أن أحكم به فيهم «وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» لولا ما هو الرحمن ما اجترأ العبد أن يقول رب احكم بالحق ، فإنه تعالى ما يحكم إلا بالحق
- الوجه الثاني -جعل اللّه في الوجود كتابين ، كتابا سماه أمّا ، فيه ما كان قبل إيجاده وما يكون ، كتبه بحكم الاسم المقيت ، فهو كتاب ذو قدر معلوم فيه بعض أعيان الممكنات وما يتكون عنها ،
وكتابا آخر ليس فيه سوى ما يتكون عن المكلفين خاصة ، فلا تزال الكتابة فيه ما دام التكليف ، وبه تقوم الحجة للّه على المكلفين ، وبه يطالبهم لا بالأم ، وهذا هو الإمام الحق المبين الذي يحكم به الحق تعالى الذي أخبرنا اللّه في كتابه أنه أمر نبيه أن يقول لربه «احْكُمْ بِالْحَقِّ» ، يريد هذا الكتاب ،
وهو كتاب الإحصاء فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وكل صغير وكبير مستطر ، وهو منصوص عليه في الأم .
(22) سورة الحج مدنيّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
------------
(112) الفتوحات ج 2 / 52 ، 92 - ج 4 / 235 - ج 2 / 92 - ج 1 / 579">579 - ج 4 / 235 - ج 1 / 579">579 - ج 3 / 364 ، 76 ، 364 -ح 4 / 26 - ج 1 / 597 - ج 3 / 476 - ج 4 / 54 - ج 3 / 112تفسير ابن كثير:
( كل نفس ذائقة الموت ) ، وقد روي عن الشافعي ، رحمه الله ، أنه أنشد واستشهد بهذين البيتين :
تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى
: تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
وقوله : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) أي : نختبركم بالمصائب تارة ، وبالنعم أخرى ، لننظر من يشكر ومن يكفر ، ومن يصبر ومن يقنط ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ونبلوكم ) ، يقول : نبتليكم بالشر والخير فتنة ، بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، والحلال والحرام ، والطاعة والمعصية والهدى والضلال . .
وقوله : ( وإلينا ترجعون ) أي : فنجازيكم بأعمالكم .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
بل كل من عليها فان، ولهذا قال: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ْ} وهذا يشمل سائر نفوس الخلائق، وإن هذا كأس لا بد من شربه وإن طال بالعبد المدى، وعمّر سنين، ولكن الله تعالى أوجد عباده في الدنيا، وأمرهم، ونهاهم، وابتلاهم بالخير والشر، بالغنى والفقر، والعز والذل والحياة والموت، فتنة منه تعالى ليبلوهم أيهم أحسن عملا، ومن يفتتن عند مواقع الفتن ومن ينجو، { وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ْ} فنجازيكم بأعمالكم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ْ} وهذه الآية، تدل على بطلان قول من يقول ببقاء الخضر، وأنه مخلد في الدنيا، فهو قول، لا دليل عليه، ومناقض للأدلة الشرعية.
تفسير البغوي
( كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم ) نختبركم ( بالشر والخير ) بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، وقيل : بما تحبون وما تكرهون ، ( فتنة ) ابتلاء لننظر كيف شكركم فيما تحبون ، وصبركم فيما تكرهون ، ( وإلينا ترجعون )
الإعراب:
(كُلُّ) مبتدأ (نَفْسٍ) مضاف إليه (ذائِقَةُ) خبر والجملة ابتدائية (الْمَوْتِ) مضاف إليه (وَنَبْلُوكُمْ) الواو استئنافية (نَبْلُوكُمْ) مضارع فاعله مستتر والكاف مفعوله (بِالشَّرِّ) متعلقان بنبلوكم (وَالْخَيْرِ) معطوف على الشر والجملة مستأنفة (فِتْنَةً) مفعول لأجله (وَإِلَيْنا) الواو استئنافية والجار والمجرور متعلقان بترجعون (تُرْجَعُونَ) مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة مستأنفة