المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يونس: [الآية 10]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة يونس | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (97) فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (98)
إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهي العلم بوجود الرب أنه ربنا ، ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ولا يحشر إلا مؤمنا ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ، ويؤيد ذلك قوله : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا» حين رأوا البأس «كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» فهذا معنى قولنا : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ومتى شاء ، فثبت أن انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود ، ودلت هذه الآية على أن يونس عليه السلام كان محبوبا للّه ، حيث خص قومه من أجله بما لم يخص به أمة قبلها ، وعرفنا بذلك ، فعامل قوم يونس بما عاملهم به من كونه كشف عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم ، فآمنوا ، أرضاه اللّه في أمته فنفعها إيمانها ، ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها ، ومتعهم إلى حين فأمدّ لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب ، فلما اشتد البلاء
على قوم يونس وكانت اللحظة الزمانية عندهم في وقت رؤية العذاب كالسنة أو أطول ، ذكر أنه تعالى في مقابلة هذا الطول الذي وجدوه في نفوسهم أنه متعهم إلى حين ، فبقوا في نعيم الحياة الدنيا زمنا طويلا ، لم يكن يحصل لهم ذلك لولا هذا البلاء وقد قيل إن الحين الذي جعله غاية تمتعهم أنه القيامة واللّه أعلم .
------------
(98) الفتوحات ج 3 / 383 - ج 2 / 415تفسير ابن كثير:
وقوله : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) أي : هذا حال أهل الجنة .
قال ابن جريج : أخبرت أن قوله : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم ) [ قال : إذا مر بهم الطير يشتهونه ، قالوا : سبحانك اللهم ] وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه ، فيسلم عليهم ، فيردون عليه . فذلك قوله : ( وتحيتهم فيها سلام ) قال : فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله : ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )
وقال مقاتل بن حيان : إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم : ( سبحانك اللهم ) قال : فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم ، مع كل خادم صحفة من ذهب ، فيها طعام ليس في الأخرى ، قال : فيأكل منهن كلهن .
وقال سفيان الثوري : إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيء قال : ( سبحانك اللهم )
وهذه الآية فيها شبه من قوله : ( تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما ) [ الأحزاب : 44 ] ، وقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) [ الواقعة : 25 ، 26 ] . وقوله : ( سلام قولا من رب رحيم ) [ يس : 58 ] . وقوله : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) [ الرعد : 23 ، 24 ] .
وقوله : ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) هذا فيه دلالة على أن الله تعالى هو المحمود أبدا ، المعبود على طول المدى ؛ ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره ، وفي ابتداء كتابه ، وعند ابتداء تنزيله ، حيث يقول تعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ) [ الكهف : 1 ] ، ( الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ) [ الأنعام : 1 ] إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها ، وأنه المحمود في الأول و [ في ] الآخر ، في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، في جميع الأحوال ؛ ولهذا جاء في الحديث : " إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس " وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تضاعف نعم الله عليهم ، فتكرر وتعاد وتزاد ، فليس لها انقضاء ولا أمد ، فلا إله إلا هو ولا رب سواه .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} أي عبادتهم فيها لله، أولها تسبيح لله وتنزيه له عن النقائض، وآخرها تحميد لله، فالتكاليف سقطت عنهم في دار الجزاء، وإنما بقي لهم أكمل اللذات، الذي هو ألذ عليهم من المآكل اللذيذة، ألا وهو ذكر الله الذي تطمئن به القلوب، وتفرح به الأرواح، وهو لهم بمنزلة النَّفَس، من دون كلفة ومشقة.
{و} أما {تَحِيَّتُهُمْ} فيما بينهم عند التلاقي والتزاور، فهو السلام، أي: كلام سالم من اللغو والإثم، موصوف بأنه {سَلَامٌ} وقد قيل في تفسير قوله {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ} إلى آخر الآية، أن أهل الجنة ـ إذا احتاجوا إلى الطعام والشراب ونحوهما ـ قالوا سبحانك اللهم، فأحضر لهم في الحال.
فإذا فرغوا قالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
تفسير البغوي
( دعواهم ) أي : قولهم وكلامهم . وقيل : دعاؤهم . ( فيها سبحانك اللهم ) وهي كلمة تنزيه ، تنزه الله من كل سوء . وروينا : " أن أهل الجنة يلهمون الحمد والتسبيح ، كما يلهمون النفس " .
قال أهل التفسير : هذه الكلمة علامة بين أهل الجنة والخدم في الطعام ، فإذا أرادوا الطعام قالوا : سبحانك اللهم ، فأتوهم في الوقت بما يشتهون على الموائد ، كل مائدة ميل في ميل ، على كل مائدة سبعون ألف صحفة ، وفي كل صحفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا ، فإذا فرغوا من الطعام حمدوا الله ، فذلك قوله تعالى : (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )
قوله تعالى : ( وتحيتهم فيها سلام ) أي : يحيي بعضهم بعضا بالسلام . وقيل : تحية الملائكة لهم بالسلام .
وقيل : تأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام .
( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) يريد : يفتتحون كلامهم بالتسبيح ، ويختمونه بالتحميد .
الإعراب:
(دَعْواهُمْ) مبتدأ والهاء مضاف إليه (فِيها) متعلقان بدعواهم والجملة مستأنفة (سُبْحانَكَ) مفعول مطلق لفعل محذوف والكاف مضاف إليه والجملة خبر (اللَّهُمَّ) منادى بأداة نداء محذوفة وحلت الميم محلها وهو مبني على الضم لأنه مفرد علم في محل نصب (وَتَحِيَّتُهُمْ) الواو عاطفة ومبتدأ والهاء مضاف إليه (فِيها) متعلقان بتحية (سَلامٌ) خبر والجملة معطوفة (وَآخِرُ) الواو عاطفة وآخر مبتدأ والجملة معطوفة (دَعْواهُمْ) مضاف إليه والهاء مضاف إليه (أَنِ) مخففة من أن وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين واسمها ضمير الشأن والجملة خبر آخر (الْحَمْدُ) مبتدأ (لِلَّهِ) لفظ الجلالة مجرور باللام متعلقان بالخبر المحذوف والجملة خبر أن (رَبِّ) مضاف إليه (الْعالَمِينَ) مضاف إليه مجرور بالياء