Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة التوبة: [الآية 29]

سورة التوبة
قَٰتِلُوا۟ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعْطُوا۟ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَٰغِرُونَ ﴿29﴾

تفسير الجلالين:

«قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر» وإلا لآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم «ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله» كالخمر «ولا يدينون دين الحق» الثابت الناسخ لغيره من الأديان وهو دين الإسلام

تفسير الشيخ محي الدين:

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)

«فَإِنْ تَوَلَّوْا» عما دعوتموهم إليه «فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ» أي في اللّه الكفاية يكفيني أمرهم

[ توحيد الاستكفاء ]

«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» وهذا هو التوحيد الحادي عشر ، وهو توحيد الاستكفاء ، وهو من توحيد الهوية لما قال تعالى : «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى» فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره ، فمنا من قال التعاون على البر والتقوى أن يرد كل واحد صاحبه إلى ربه في ذلك ، ويستكفي به فيما كلفه ،

وهو قوله : (واستعينوا بالله) خطاب تحقيق «عليه توكلت» التوكل اعتماد القلب على اللّه تعالى مع عدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة في العالم ، التي من شأن النفوس أن تركن إليها ، فإن اضطرب فليس بمتوكل ، وهو من صفات المؤمنين «وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»

فإذا كان رب العرش والعرش محيط بعالم الأجسام وأنت من حيث جسميتك أقل الأجسام فاستكف باللّه ، الذي هو رب مثل هذا العرش ، ومن كان اللّه حسبه انقلب بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسه سوء ، وجاء في ذلك بما يرضي اللّه ، واللّه ذو فضل عظيم على من جعله حسبه .

(10) سورة يونس مكيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(129) الفتوحات ج 2 / 409 ، 199 ، 409

تفسير ابن كثير:

فقال : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فهم في نفس الأمر لما كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد من الرسل ، ولا بما جاءوا به ، وإنما يتبعون آراءهم وأهواءهم وآباءهم فيما هم فيه ، لا لأنه شرع الله ودينه ؛ لأنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانا صحيحا لقادهم ذلك إلى الإيمان بمحمد ، صلوات الله عليه ، لأن جميع الأنبياء [ الأقدمين ] بشروا به ، وأمروا باتباعه ، فلما جاء وكفروا به - وهو أشرف الرسل - علم أنهم ليسوا متمسكين بشرع الأنبياء الأقدمين لأنه من عند الله ، بل لحظوظهم وأهوائهم ، فلهذا لا ينفعهم إيمانهم ببقية الأنبياء ، وقد كفروا بسيدهم وأفضلهم وخاتمهم وأكملهم ؛ ولهذا قال : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب ) وهذه الآية الكريمة [ نزلت ] أول الأمر بقتال أهل الكتاب ، بعد ما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجا ، فلما استقامت جزيرة العرب أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى ، وكان ذلك في سنة تسع ؛ ولهذا تجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقتال الروم ودعا الناس إلى ذلك ، وأظهره لهم ، وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة فندبهم ، فأوعبوا معه ، واجتمع من المقاتلة نحو [ من ] ثلاثين ألفا ، وتخلف بعض الناس من أهل المدينة ومن حولها من المنافقين وغيرهم ، وكان ذلك في عام جدب ، ووقت قيظ وحر ، وخرج - عليه السلام - يريد الشام لقتال الروم ، فبلغ تبوك ، فنزل بها وأقام على مائها قريبا من عشرين يوما ، ثم استخار الله في الرجوع ، فرجع عامه ذلك لضيق الحال وضعف الناس ، كما سيأتي بيانه بعد إن شاء الله .

وقد استدل بهذه الآية الكريمة من يرى أنه لا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ، أو من أشباههم كالمجوس ، لما صح فيهم الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر ، وهذا مذهب الشافعي ، وأحمد - في المشهور عنه - وقال أبو حنيفة - رحمه الله - : بل تؤخذ من جميع الأعاجم ، سواء كانوا من أهل الكتاب أو من المشركين ، ولا تؤخذ من العرب إلا من أهل الكتاب .

وقال الإمام مالك : بل يجوز أن تضرب الجزية على جميع الكفار من كتابي ، ومجوسي ، ووثني ، وغير ذلك ، ولمأخذ هذه المذاهب وذكر أدلتها مكان غير هذا ، والله أعلم .

وقوله : ( حتى يعطوا الجزية ) أي : إن لم يسلموا ، ( عن يد ) أي : عن قهر لهم وغلبة ، ( وهم صاغرون ) أي : ذليلون حقيرون مهانون . فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين ، بل هم أذلاء صغرة أشقياء ، كما جاء في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه .

ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم ، وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ ، من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : كتبت لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين صالح نصارى من أهل الشام :

بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا ، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ، ولا قلاية ولا صومعة راهب ، ولا نجدد ما خرب منها ، ولا نحيي منها ما كان خطط المسلمين ، وألا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، وأن ينزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ، ولا نئوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ، ولا نكتم غشا للمسلمين ، ولا نعلم أولادنا القرآن ، ولا نظهر شركا ، ولا ندعو إليه أحدا ؛ ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه ، وأن نوقر المسلمين ، وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس ، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم ، في قلنسوة ، ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا نتكلم بكلامهم ، ولا نكتني بكناهم ، ولا نركب السروج ، ولا نتقلد السيوف ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ، ولا نحمله معنا ، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ، ولا نبيع الخمور ، وأن نجز مقاديم رءوسنا ، وأن نلزم زينا حيثما كنا ، وأن نشد الزنانير على أوساطنا ، وألا نظهر الصليب على كنائسنا ، وألا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيا ، وألا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، ولا نخرج شعانين ولا باعوثا ، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نجاورهم بموتانا ، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، وأن نرشد المسلمين ، ولا نطلع عليهم في منازلهم .

قال : فلما أتيت عمر بالكتاب ، زاد فيه : ولا نضرب أحدا من المسلمين ، شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا ، وقبلنا عليه الأمان ، فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطناه لكم ووظفنا على أنفسنا ، فلا ذمة لنا ، وقد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق .


تفسير الطبري :

فيه خمس عشرة مسألة: الأولى: قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} لما حرم الله تعالى على الكفار أن يقربوا المسجد الحرام، وجد المسلمون في أنفسهم بما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها، قال الله عز وجل: {وإن خفتم عيلة} [التوبة : 28] الآية. على ما تقدم. ثم أحل في هذه الآية الجزية وكانت لم تؤخذ قبل ذلك، فجعلها عوضا مما منعهم من موافاة المشركين بتجارتهم. فقال الله عز وجل: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} الآية. فأمر سبحانه وتعالى بمقاتلة جميع الكفار لإصفاقهم على هذا الوصف، وخص أهل الكتاب بالذكر إكراما لكتابهم، ولكونهم عالمين بالتوحيد والرسل والشرائع والملل، وخصوصا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وملته وأمته. فلما أنكروه تأكدت عليهم الحجة وعظمت منهم الجريمة، فنبه على محلهم ثم جعل للقتال غاية وهي إعطاء الجزية بدلا عن القتل. وهو الصحيح. قال ابن العربي : سمعت أبا الوفاء علي بن عقيل في مجلس النظر يتلوها ويحتج بها. فقال: {قاتلوا} وذلك أمر بالعقوبة. ثم قال: {الذين لا يؤمنون} وذلك بيان للذنب الذي أوجب العقوبة. وقوله: {ولا باليوم الآخر} تأكيد للذنب في جانب الاعتقاد. ثم قال: {ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله} زيادة للذنب في مخالفة الأعمال. ثم قال: {ولا يدينون دين الحق} إشارة إلى تأكيد المعصية بالانحراف والمعاندة والأنفة عن الاستسلام. ثم قال: {من الذين أوتوا الكتاب} تأكيد للحجة، لأنهم كانوا يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل. ثم قال{حتى يعطوا الجزية عن يد} فبين الغاية التي تمتد إليها العقوبة وعين البدل الذي ترتفع به. الثانية: وقد اختلف العلماء فيمن تؤخذ منه الجزية، قال الشافعي رحمه الله : لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب خاصة عربا كانوا أو عجما لهذه الآية، فإنهم هم الذين خصوا بالذكر فتوجه الحكم إليهم دون من سواهم لقوله عز وجل: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة : 5]. ولم يقل : حتى يعطوا الجزية كما قال في أهل الكتاب. وقال : وتقبل من المجوس بالسنة وبه قال أحمد وأبو ثور. وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة وأصحابه. وقال الأوزاعي : تؤخذ الجزية من كل عابد وثن أو نار أو جاحد أو مكذب. وكذلك مذهب مالك، فإنه رأى الجزية تؤخذ من جميع أجناس الشرك والجحد، عربيا أو عجميا، تغلبيا أو قرشيا، كائنا من كان، إلا المرتد. وقال ابن القاسم وأشهب وسحنون : تؤخذ الجزية من مجوس العرب والأمم كلها. وأما عبدة الأوثان من العرب فلم يستن الله فيهم جزية، ولا يبقى على الأرض منهم أحد، وإنما لهم القتال أو الإسلام. ويوجد لابن القاسم : أن الجزية تؤخذ منهم، كما يقول مالك. وذلك في التفريع لابن الجلاب وهو احتمال لا نص. وقال ابن وهب : لا تقبل الجزية من مجوس العرب وتقبل من غيرهم. قال : لأنه ليس في العرب مجوسي إلا وجميعهم أسلم، فمن وجد منهم بخلاف الإسلام فهو مرتد يقتل بكل حال إن لم يسلم ولا تقبل منهم جزية. وقال ابن الجهم : تقبل الجزية من كل من دان بغير الإسلام إلا ما أجمع عليه من كفار قريش. وذكر في تعليل ذلك أنه إكرام لهم عن الذلة والصغار، لمكانهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال غيره : إنما ذلك لأن جميعهم أسلم يوم فتح مكة. والله أعلم. الثالثة: وأما المجوس فقال ابن المنذر : لا أعلم خلافا أن الجزية تؤخذ منهم. وفي الموطأ : مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر أمر المجوس فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم. فقال عبدالرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (سنوا بهم سنة أهل الكتاب). قال أبو عمر : يعني في الجزية خاصة. وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) دليل على أنهم ليسوا أهل كتاب. وعلى هذا جمهور الفقهاء. وقد روي عن الشافعي أنهم كانوا أهل كتاب فبدلوا. وأظنه ذهب في ذلك إلى شيء روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من وجه فيه ضعف، يدور على أبي سعيد البقال، ذكره عبدالرزاق وغيره. قال ابن عطية : وروي أنه قد كان بعث في المجوس نبي اسمه زرادشت. والله أعلم. الرابعة: لم يذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه مقدارا للجزية المأخوذة منهم. وقد اختلف العلماء في مقدار الجزية المأخوذة منهم، فقال عطاء بن أبي رباح : لا توقيت فيها، وإنما هو على ما صولحوا عليه. وكذلك قال يحيى بن آدم وأبو عبيد والطبري، إلا أن الطبري قال : أقله دينار وأكثره لا حد له. واحتجوا بما رواه أهل الصحيح عن عمرو بن عوف : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل البحرين على الجزية. وقال الشافعي : دينار على الغني والفقير من الأحرار البالغين لا ينقص منه شيء واحتج بما رواه أبو داود وغيره عن معاذ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا في الجزية. قال الشافعي : وهو المبين عن الله تعالى مراده. وهو قول أبي ثور. قال الشافعي : وإن صولحوا على أكثر من دينار جاز، وإن زادوا وطابت بذلك أنفسهم قبل منهم. وإن صولحوا على ضيافة ثلاثة أيام جاز، إذا كانت الضيافة معلومة في الخبز والشعير والتبن والإدام، وذكر ما على الوسط من ذلك وما على الموسر وذكر موضع النزول والكنِّ من البرد والحر. وقال مالك فيما رواه عنه ابن القاسم وأشهب ومحمد بن الحارث بن زنجويه : إنها أربعة دنانير على أهل الذهب وأربعون درهما على أهل الورق، الغني والفقير سواء ولو كان مجوسيا. لا يزاد ولا ينقص على ما فرض عمر لا يؤخذ منهم غيره. وقد قيل : إن الضعيف يخفف عنه بقدر ما يراه الإمام. وقال ابن القاسم : لا ينقص من فرض عمر لعسر ولا يزاد عليه لغنى. قال أبو عمر : ويؤخذ من فقرائهم بقدر ما يحتملون ولو درهما. وإلى هذا رجع مالك. وقال أبو حنيفة وأصحابه ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل : اثنا عشر، وأربعة وعشرون، وأربعون. قال الثوري : جاء عن عمر بن الخطاب في ذلك ضرائب مختلفة، فللوالي أن يأخذ بأيها شاء، إذا كانوا أهل ذمة. وأما أهل الصلح فما صولحوا عليه لا غير. الخامسة: قال علماؤنا رحمة الله عليهم : والذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من الرجال المقاتلين، لأنه تعالى قال: {قاتلوا الذين} إلى قوله: {حتى يعطوا الجزية} فيقتضي ذلك وجوبها على من يقاتل. ويدل على أنه ليس على العبد وإن كان مقاتلا، لأنه لا مال له، ولأنه تعالى قال: {حتى يعطوا}. ولا يقال لمن لا يملك حتى يعطي. وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني. واختلف في الرهبان، فروى ابن وهب عن مالك أنها لا تؤخذ منهم. قال مطرف وابن الماجشون : هذا إذا لم يترهب بعد فرضها فإن فرضت ثم ترهب لم يسقطها ترهبه. السادسة: إذا أعطى أهل الجزية الجزية لم يؤخذ منهم شيء من ثمارهم ولا تجارتهم ولا زروعهم إلا أن يتجروا في بلاد غير بلادهم التي أقروا فيها وصولحوا عليها. فإن خرجوا تجارا عن بلادهم التي أقروا فيها إلى غيرها أخذ منهم العشر إذا باعوا ونض ثمن ذلك بأيديهم ولو كان ذلك في السنة مرارا إلا في حملهم الطعام الحنطة والزيت إلى المدينة ومكة خاصة، فإنه يؤخذ منهم نصف العشر على ما فعل عمر. ومن أهل المدينة من لا يرى أن يؤخذ من أهل الذمة العشر في تجارتهم إلا مرة في الحول، مثل ما يؤخذ من المسلمين. وهو مذهب عمر بن عبدالعزيز وجماعة من أئمة الفقهاء. والأول قول مالك وأصحابه. السابعة: إذا أدى أهل الجزية جزيتهم التي ضربت عليهم أو صولحوا عليها خلي بينهم وبين أموالهم كلها، وبين كرومهم وعصرها ما ستروا خمورهم ولم يعلنوا بيعها من مسلم ومنعوا من إظهار الخمر والخنزير في أسواق المسلمين، فإن أظهروا شيئا من ذلك أريقت الخمر عليهم، وأدب من أظهر الخنزير. وإن أراقها مسلم من غير إظهارها فقد تعدى، ويجب عليه الضمان. وقيل : لا يجب ولو غصبها وجب عليه ردها. ولا يعترض لهم في أحكامهم ولا متاجرتهم فيما بينهم بالربا. فإن تحاكموا إلينا فالحاكم مخير، إن شاء حكم بينهم بما أنزل الله وإن شاء أعرض. وقيل : يحكم بينهم في المظالم على كل حال، ويؤخذ من قويهم لضعيفهم، لأنه من باب الدفع عنهم وعلى الإمام أن يقاتل عنهم عدوهم ويستعين بهم في قتالهم. ولا حظ لهم في الفيء، وما صولحوا عليه من الكنائس لم يزيدوا عليها، ولم يمنعوا من إصلاح ما وهى منها، ولا سبيل لهم إلى إحداث غيرها. ويأخذون من اللباس والهيئة بما يبينون به من المسلمين، ويمنعون من التشبه بأهل الإسلام. ولا بأس باشتراء أولاد العدو منهم إذا لم تكن لهم ذمة. ومن لد في أداء جزيته أدب على لدده وأخذت منه صاغرا. الثامنة: اختلف العلماء فيما وجبت الجزية عنه، فقال علماء المالكية : وجبت بدلا عن القتل بسبب الكفر. وقال الشافعي : وجبت بدلا عن الدم وسكنى الدار. وفائدة الخلاف أنا إذا قلنا وجبت بدلا عن القتل فأسلم سقطت عنه الجزية لما مضى، ولو أسلم قبل تمام الحول بيوم أو بعده عند مالك. وعند الشافعي أنها دين مستقر في الذمة فلا يسقطه الإسلام كأجرة الدار. وقال بعض الحنفية بقولنا. وقال بعضهم : إنما وجبت بدلا عن النصر والجهاد. واختاره القاضي أبو زيد وزعم أنه سر الله في المسألة. وقول مالك أصح، لقوله صلى الله عليه وسلم : (ليس على مسلم جزية). قال سفيان : معناه إذا أسلم الذمي بعد ما وجبت الجزية عليه بطلت عنه. أخرجه الترمذي وأبو داود. قال علماؤنا : وعليه يدل قوله تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} لأن بالإسلام يزول هذا المعنى. ولا خلاف أنهم إذا أسلموا فلا يؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون. والشافعي لا يأخذ بعد الإسلام على الوجه الذي قاله الله تعالى. وإنما يقول : إن الجزية دين، وجبت عليه بسبب سابق وهو السكنى أو توقي شر القتل، فصارت كالديون كلها. التاسعة: لو عاهد الإمام أهل بلد أو حصن ثم نقضوا عهدهم وامتنعوا من أداء ما يلزمهم من الجزية وغيرها وامتنعوا من حكم الإسلام من غير أن يظلموا وكان الإمام غير جائر عليهم وجب على المسلمين غزوهم وقتالهم مع إمامهم. فإن قاتلوا وغلبوا حكم فيهم بالحكم في دار الحرب سواء. وقد قيل : هم ونساؤهم فيء ولا خمس فيهم، وهو مذهب. العاشرة: فإن خرجوا متلصصين قاطعين الطريق فهم بمنزلة المحاربين المسلمين إذا لم يمنعوا الجزية. ولو خرجوا متظلمين نظر في أمرهم وردوا إلى الذمة وأنصفوا من ظالمهم ولا يسترق منهم أحد وهم أحرار. فإن نقض بعضهم دون بعض فمن لم ينقض على عهده، ولا يؤخذ بنقض غيره وتعرف إقامتهم على العهد بإنكارهم على الناقضين. الحادية عشرة: الجزية وزنها فعلة، من جزى يجزي إذا كافأ عما أسدي إليه، فكأنهم أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، وهي كالقعدة والجلسة. ومن هذا المعنى قول الشاعر : يجزيك أو يثني عليك وإن من ** أثنى عليك بما فعلت كمن جزى الثانية عشرة: روى مسلم عن هشام بن حكيم بن حزام ومر على ناس من الأنباط بالشأم قد أقيموا في الشمس - في رواية : وصب على رءوسهم الزيت - فقال : ما شأنهم؟ فقال يحبسون في الجزية. فقال هشام : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا). في رواية : وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين، فدخل عليه فحدثه فأمر بهم فخلوا. قال علماؤنا : أما عقوبتهم إذا امتنعوا من أدائها مع التمكين فجائز، فأما مع تبين عجزهم فلا تحل عقوبتهم، لأن من عجز عن الجزية سقطت عنه. ولا يكلف الأغنياء أداءها عن الفقراء. وروى أبو داود عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ شيئا منه بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة). الثالثة عشرة: قوله تعالى: {عن يد} قال ابن عباس : يدفعها بنفسه غير مستنيب فيها أحدا روى أبو البختري عن سلمان قال : مذمومين. وروى معمر عن قتادة قال : عن قهر وقيل: {عن يد} عن إنعام منكم عليهم، لأنهم إذا أخذت منهم الجزية فقد أنعم عليهم بذلك. عكرمة : يدفعها وهو قائم والآخذ جالس وقال سعيد بن جبير. ابن العربي : وهذا ليس من قوله: {عن يد} وإنما هو من قوله: {وهم صاغرون}. الرابعة عشرة: روى الأئمة عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة) وروى : (واليد العليا هي المعطية). فجعل يد المعطي في الصدقة عليا، وجعل يد المعطي في الجزية سفلى. ويد الآخذ عليا؛ ذلك بأنه الرافع الخافض، يرفع من يشاء ويخفض من يشاء، لا إله غيره. الخامسة عشرة: عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إن أرض الخراج يعجز عنها أهلها أفأعمرها وأزرعها وأؤدي خراجها؟ فقال : لا. وجاءه آخر فقال له ذلك فقال : لا وتلا قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله: {وهم صاغرون} أيعمد أحدكم إلى الصغار في عنق أحدهم فينتزعه فيجعله في عنقه وقال كليب بن وائل : قلت لابن عمر اشتريت أرضا قال الشراء حسن. قلت : فإني أعطي عن كل جريب أرض درهما وقفيز طعام. قال : لا تجعل في عنقك صغارا. وروى ميمون بن مهران عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما يسرني أن لي الأرض كلها بجزية خمسة دراهم أمر فيها بالصغار على نفسي.

التفسير الميسّر:

أيها المسلمون قاتلوا الكفار الذين لا يؤمنون بالله، ولا يؤمنون بالبعث والجزاء، ولا يجتنبون ما نهى الله عنه ورسوله، ولا يلتزمون أحكام شريعة الإسلام من اليهود والنصارى، حتى يدفعوا الجزية التي تفرضونها عليهم بأيديهم خاضعين أذلاء.

تفسير السعدي

هذه الآية أمر بقتال الكفار من اليهود والنصارى من ‏{‏الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ‏}‏ إيمانا صحيحا يصدقونه بأفعالهم وأعمالهم‏.‏ ولا يحرمون ما حرم الله، فلا يتبعون شرعه في تحريم المحرمات، ‏{‏وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ‏}‏ أي‏:‏ لا يدينون بالدين الصحيح، وإن زعموا أنهم على دين، فإنه دين غير الحق، لأنه إما بين دين مبدل، وهو الذي لم يشرعه اللّه أصلا، وإما دين منسوخ قد شرعه اللّه، ثم غيره بشريعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيبقى التمسك به بعد النسخ غير جائز‏.‏

فأمره بقتال هؤلاء وحث على ذلك، لأنهم يدعون إلى ما هم عليه، ويحصل الضرر الكثير منهم للناس، بسبب أنهم أهل كتاب‏.‏

وغيَّى ذلك القتال ‏{‏حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ‏}‏ أي‏:‏ المال الذي يكون جزاء لترك المسلمين قتالهم، وإقامتهم آمنين على أنفسهم وأموالهم، بين أظهر المسلمين، يؤخذ منهم كل عام، كلٌّ على حسب حاله، من غني وفقير ومتوسط، كما فعل ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وغيره، من أمراء المؤمنين‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏عَنْ يَدٍ‏}‏ أي‏:‏ حتى يبذلوها في حال ذلهم، وعدم اقتدارهم، ويعطونها بأيديهم، فلا يرسلون بها خادما ولا غيره، بل لا تقبل إلا من أيديهم، ‏{‏وَهُمْ صَاغِرُونَ‏}‏

فإذا كانوا بهذه الحال، وسألوا المسلمين أن يقروهم بالجزية، وهم تحت أحكام المسلمين وقهرهم، وحال الأمن من شرهم وفتنتهم، واستسلموا للشروط التي أجراها عليهم المسلمون مما ينفي عزهم وتكبرهم، ويوجب ذلهم وصغارهم، وجب على الإمام أو نائبه أن يعقدها لهم‏.‏

وإلا بأن لم يفوا، ولم يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، لم يجز إقرارهم بالجزية، بل يقاتلون حتى يسلموا‏.‏

واستدل بهذه الآية الجمهور الذين يقولون‏:‏ لا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، لأن اللّه لم يذكر أخذ الجزية إلا منهم‏.‏

وأما غيرهم فلم يذكر إلا قتالهم حتى يسلموا، وألحق بأهل الكتاب في أخد الجزية وإقرارهم في ديار المسلمين، المجوس، فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخذ الجزية من مجوس هجر، ثم أخذها أمير المؤمنين عمر من الفرس المجوس‏.‏

وقيل‏:‏ إن الجزية تؤخذ من سائر الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، لأن هذه الآية نزلت بعد الفراغ من قتال العرب المشركين، والشروع في قتال أهل الكتاب ونحوهم، فيكون هذا القيد إخبارا بالواقع، لا مفهوما له‏.‏

ويدل على هذا أن المجوس أخذت منهم الجزية وليسوا أهل كتاب، ولأنه قد تواتر عن المسلمين من الصحابة ومن بعدهم أنهم يدعون من يقاتلونهم إلى إحدى ثلاث‏:‏ إما الإسلام، أو أداء الجزية، أو السيف، من غير فرق بين كِتَابِيٍّ وغيره‏.‏


تفسير البغوي

وذلك : قوله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ) قال مجاهد : نزلت هذه الآية حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الروم ، فغزا بعد نزولها غزوة تبوك .

وقال الكلبي : نزلت في قريظة والنضير من اليهود ، فصالحهم وكانت أول جزية أصابها أهل الإسلام ، وأول ذل أصاب أهل الكتاب بأيدي المسلمين .

قال الله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) فإن قيل : أهل الكتاب يؤمنون بالله واليوم الآخر؟ قيل : لا يؤمنون كإيمان المؤمنين ، فإنهم إذا قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله ، لا يكون ذلك إيمانا بالله . ( ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ) أي : لا يدينون الدين الحق ، أضاف الاسم إلى الصفة . وقال قتادة : الحق هو الله ، أي : لا يدينون دين الله ، ودينه الإسلام . وقال أبو عبيدة : معناه ولا يطيعون الله تعالى طاعة أهل الحق . ( من الذين أوتوا الكتاب ) يعني : اليهود والنصارى . ( حتى يعطوا الجزية ) وهي الخراج المضروب على رقابهم ، ( عن يد ) عن قهر وذل . قال أبو عبيدة : يقال لكل من أعطى شيئا كرها من غير طيب نفس : أعطاه عن يد . وقال ابن عباس : يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها على يد غيرهم . وقيل : عن يد أي : عن نقد لا نسيئة . وقيل : عن إقرار بإنعام المسلمين عليهم بقبول الجزية منهم ، ( وهم صاغرون ) أذلاء مقهورون . قال عكرمة : يعطون الجزية عن قيام ، والقابض جالس . وعن ابن عباس قال : تؤخذ منه ويوطأ عنقه .

وقال الكلبي : إذا أعطى صفع في قفاه .

وقيل : يؤخذ بلحيته ويضرب في لهزمتيه . وقيل : يلبب ويجر إلى موضع الإعطاء بعنف .

وقيل : إعطاؤه إياها هو الصغار .

وقال الشافعي رحمه الله : الصغار هو جريان أحكام الإسلام عليهم .

واتفقت الأمة على جواز أخذ الجزية من أهل الكتابين ، وهم اليهود والنصارى إذا لم يكونوا عربا .

واختلفوا في الكتابي العربي وفي غير أهل الكتاب من كفار العجم ، فذهب الشافعي : إلى أن الجزية على الأديان لا على الأنساب ، فتؤخذ من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ، ولا تؤخذ من أهل الأوثان بحال ، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من أكيدر دومة ، وهو رجل من العرب يقال : إنه من غسان ، وأخذ من أهل ذمة اليمن ، وعامتهم عرب .

وذهب مالك والأوزاعي : إلى أنها تؤخذ من جميع الكفار إلا المرتد .

وقال أبو حنيفة : تؤخذ من أهل الكتاب على العموم ، وتؤخذ من مشركي العجم ، ولا تؤخذ من مشركي العرب . وقال أبو يوسف : لا تؤخذ من العربي ، كتابيا كان أو مشركا ، وتؤخذ من العجمي كتابيا كان أو مشركا .

وأما المجوس : فاتفقت الصحابة رضي الله عنهم على أخذ الجزية منهم .

أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع بجالة يقول : لم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " .

وفي امتناع عمر رضي الله عنه عن أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر ، دليل على أن رأي الصحابة كان على أنها لا تؤخذ من كل مشرك ، وإنما تؤخذ من أهل الكتاب .

واختلفوا في أن المجوس : هل هم من أهل الكتاب أم لا؟ فروي عن علي رضي الله عنه قال : كان لهم كتاب يدرسونه فأصبحوا ، وقد أسري على كتابهم ، فرفع من بين أظهرهم .

واتفقوا على تحريم ذبائح المجوس ومناكحتهم بخلاف أهل الكتابين .

أما من دخل في دين اليهود والنصارى من غيرهم من المشركين نظر : إن دخلوا فيه قبل النسخ والتبديل يقرون بالجزية ، وتحل مناكحتهم وذبائحهم ، وإن دخلوا في دينهم بعد النسخ بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم لا يقرون بالجزية ، ولا تحل مناكحتهم وذبائحهم ، ومن شككنا في أمرهم أنهم دخلوا فيه بعد النسخ أو قبله : يقرون بالجزية تغليبا لحقن الدم ، ولا تحل مناكحتهم وذبائحهم تغليبا للتحريم ، فمنهم نصارى العرب من تنوخ وبهراء وبني تغلب ، أقرهم عمر رضي الله عنه على الجزية ، وقال : لا تحل لنا ذبائحهم .

وأما قدر الجزية : فأقله دينار ، لا يجوز أن ينقص منه ، ويقبل الدينار من الفقير والغني والوسط لما أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر . فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ من كل حالم ، أي بالغ ، دينارا ولم يفصل بين الغني والفقير والوسط ، وفيه دليل على أنها لا تجب على الصبيان وكذلك لا تجب على النسوان ، إنما تؤخذ من الأحرار العاقلين البالغين من الرجال .

وذهب قوم إلى أنه على كل موسر أربعة دنانير ، وعلى كل متوسط ديناران ، وعلى كل فقير دينار ، وهو قول أصحاب الرأي .


الإعراب:

(قاتِلُوا) فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل (الَّذِينَ) اسم الموصول مفعول به.

(لا يُؤْمِنُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعله (بِاللَّهِ) متعلقان بالفعل.

(وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) عطف.

(وَلا يُحَرِّمُونَ ما) فعل وفاعل واسم الموصول ما مفعوله والجملة الفعلية معطوفة. وجملة (حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) صلة الموصول.

(وَلا يَدِينُونَ) مضارع والواو فاعله (دِينَ) اسم منصوب بنزع الخافض أو مفعول به على تضمين معنى يدينون يعتنقون.

(الْحَقِّ) مضاف إليه.

(مِنَ الَّذِينَ) متعلقان بالفعل.

(أُوتُوا) فعل ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعل وهو المفعول الأول (الْكِتابَ) هو المفعول الثاني، والجملة صلة الموصول.

(حَتَّى) حرف غاية وجر.

(يُعْطُوا) مضارع منصوب والمصدر من حتى والفعل في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بقاتلوا.

(الْجِزْيَةَ) مفعول به (عَنْ يَدٍ) متعلقان بمحذوف حال.

(وَهُمْ صاغِرُونَ) مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب حال.

---

Traslation and Transliteration:

Qatiloo allatheena la yuminoona biAllahi wala bialyawmi alakhiri wala yuharrimoona ma harrama Allahu warasooluhu wala yadeenoona deena alhaqqi mina allatheena ootoo alkitaba hatta yuAAtoo aljizyata AAan yadin wahum saghiroona

بيانات السورة

اسم السورة سورة التوبة (At-Tauba - The Repentance)
ترتيبها 9
عدد آياتها 129
عدد كلماتها 2506
عدد حروفها 10873
معنى اسمها (التَّوْبَةُ): الاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ، وَالنَّدَمُ عَلَيهِ، والعَزْمُ عَلى عَدَمِ العَودَةِ إِلَيهِ.
سبب تسميتها دَعْوةُ المُشْرِكِينَ إِلَى التَّوبَةِ إِلَى اللهِ والإِيمَانِ بِهِ؛ ولِذَا لَمْ تَبْدَأ السُّورةُ بالبَسْمَلَةِ. وتَوبَةُ اللهِ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ: (الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عن غَزْوَةِ تَبُوكَ)
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (التَّوْبَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (بَرَاءَة)، وَسُورَةَ (الفَاضِحَةِ)، وَسُورَةَ (العَذَابِ)
مقاصدها بَيَانُ أَحْوَالِ المُشْرِكِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِم، وبيَانُ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم .(حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد). قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ بَرَاءَةَ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ». (أَثَرٌ صَحِيحٌ، سُنَنَ سَعِيدِ بِن مَنصُوْر)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (التَّوْبَةِ) بِآخِرهَا: الحَدِيثُ عَنْ صِفَةِ إِعْرَاضِ المُشْرِكِين، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِ ...٣﴾، ، الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ ...١٢٩﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (التَّوْبَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَنْفَالِ): ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ (الأَنفَالِ) خِيَانةَ المُشْرِكِينَ للهِ ولِرسُولِهِ، فَقَالَ: ﴿وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ ...٧١﴾، ثُمَّ افتَتَحَ (التَّوْبَةَ) بِالبَرَاءَةِ مِنْهُم، فَقَالَ: ﴿بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!