The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة الصكوك وهى المناشر والتوقيعات الإلهية

ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ولم نعرف من أقفلها فرمنا الخروج فخفنا من فك الختم والطبع فبقينا ننتظر الذي أقفل عليها عسى يكون هو الذي يتولى فتحها فلم يكن بأيدينا في ذلك شي‏ء وكان منهم عمر بن الخطاب أعني من أهل الأقفال يقول الله تعالى أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها فلما تولى الله فتحه أسلم فشد الله به الإسلام وعضده رضي الله عنه وأرضاه فهذا قد ذكرنا سبب عدم الفهم عن الله تعالى موجزا على قدر الوقت والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب التاسع عشر وأربعمائة في معرفة منازلة الصكوك وهي المناشير والتوقيعات الإلهية»

إن التواقيع برهان يدل على *** ثبوت ملك الذي في الحكم يعطيها

بها قد استخلف الرحمن والدنا *** فهي الدليل على إثبات معطيها

والحكم يكشفها في كل نازلة *** وعندنا حالة فيها تغطيها

إن النفوس لتدري ما نطقت به *** وليس يمنعها إلا تعاطيها

[إن لله في أرضه سفيرا وهو الروح الأمين‏]

اعلم أن الله تعالى لما شاء أن يجعل في أرضه خلفاء على من يعمرها من الإنس والجان وجميع الحيوانات وقدمهم ورشحهم للامامة دون غيرهم من جنسهم جعل بينه وبينهم سفيرا وهو الروح الأمين وسخر لهم ما في السَّماواتِ من ملك وكوكب سابح في فلك وما في الْأَرْضِ وما بينهما من الخلق جَمِيعاً مِنْهُ وأباح لهم جميع ما في الأرض أن‏

يتصرفوا فيه وأيد هؤلاء الخلفاء بالآيات البينات ليعلم المرسلون إليهم أن هؤلاء خلفاء الله عليهم ومكنهم من الحكم في رعيتهم بالأسماء الإلهية على وجه يسمى التعلق وشرع لهم في نفوسهم شرائع وحد لهم حدودا ورسم لهم مراسم يقفون عندها يختصون بها لا يجوز لأحد من رعاياهم أن يتخذوها لأنفسهم شرائع ولا يقتدون بهم فيها ثم نصب لهم شرائع يعملون بها هم ورعيتهم وكتب لهم كتبا بذلك نزلت بها السفراء عليهم ليسمعوها رعيتهم فيعلموا حدود ما أنزل الله الذي استخلف عليهم فيقفوا عندها ويعملوا بها سرا وجهرا فمنها ما كتبه بيده تعالى وهو التوراة ومنها ما نَزَلَ به الرُّوحُ الْأَمِينُ عليهم من الكتاب المكنون الذي نزل من الله من عرشه المنقول من الدفتر الأعظم وهو الإمام المبين فهو معه على عرشه ونقل منه في اللوح المحفوظ قدر ما يقع به التصريف في الدنيا إلى يوم القيامة يتضمن ما في العالم من حركة وسكون واجتماع وافتراق ورزق وأجل وعمل ثم أنزل ذلك كله في كِتابٍ مَكْنُونٍ إلى السماء الدنيا وجعله بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ مطهرين أرواح قدس صحفا مكرمة مرفوعة مطهرة فيها توقيعات إلهية بما وعد الله المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاءت به رسله من اليوم الآخر والبعث الآخر وما يكون في ذلك اليوم من حكم الله في خلقه وتولى الله ذلك كله بنفسه على صورة الحق الذي بعث به رسله ليصدقهم عند عبيده فعلا بحكمه ذلك فيهم كما صدقهم في حال احتجابه بما أيدهم به من الآيات فآمن من آمن وكفر من كفر فتوقف الأمر على ظهوره لعباده فيتولى الفصل بينهم بحكمه بنفسه وهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ فإذا فصل وحكم وعدل وأفضل جعلهم في الفصل فريقين فَرِيقٌ في الْجَنَّةِ وفَرِيقٌ في السَّعِيرِ وهو سجن الرحمن إنا جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً يريد سجنا يحصرهم فيه وينزل الفريق السعيد في دار كرامته وقيم ذلك الدار رضوان فإنها دار الرضوان ومتولي الدار الأخرى التي هي السجن مالك ومعناه الشديد يقال ملكت العجين إذا شددت عجنه قال قيس ابن الخطيم يصف طعنة

ملكت بها كفي فانهرت فتقها *** يرى قائم من دونها ما وراءها

يقول شددت بها كفي فنزلت التوقيعات بما للمؤمنين من الخير عند الله العاملين الحافظين حدود الله من الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِماتِ ... والْقانِتِينَ والْقانِتاتِ والصَّادِقِينَ والصَّادِقاتِ والصَّابِرِينَ والصَّابِراتِ والْخاشِعِينَ والْخاشِعاتِ والْمُتَصَدِّقِينَ والْمُتَصَدِّقاتِ والصَّائِمِينَ والصَّائِماتِ والْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ والْحافِظاتِ والذَّاكِرِينَ الله كَثِيراً والذَّاكِراتِ والتائبين والتائبات والعابدين والعابدات والحامدين والحامدات والسائحين والسائحات والراكعين والراكعات والساجدين والساجدات والآمرين بالمعروف والآمرات والناهين عن المنكر والناهيات والمعرضين عن اللغو والمعرضات والَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وما هم عنها بساهين إلى مثل هذا مما أوقع الله في توقيعاته من الصفات المرضية التي‏

يحمدها ثم بشرهم تعالى بأنهم الوارثون الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ وهو أوسط الجنات فقال هُمْ فِيها خالِدُونَ يبشرهم بالبقاء والدوام في النعيم وأخبرهم في التوقيع أنه عنهم راض تعالى وتقدس جلاله ثم إنه ناب عنهم في الخطاب بأنهم عنه راضون فقال تعالى رَضِيَ الله عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ وهنا نكتة لمن فهم ما تدل عليه ألفاظ القرآن من الرضي فقطع عليهم بذلك لعلمه بأنه واقع منهم ثم إنه أنزل في الكتب والصحف وعلى السنة الخلفاء صلوات الله عليهم وسلامه من الوعيد والتهديد وأخذ من كفر بالله ونافق أو آمن ببعض وكفر ببعض مما أنزله الله وجحد وأشرك وكذب وظلم واعتدى وأساء وخالف وعصى وأعرض وفسق وتولى وأدبر وأخبر في التوقيع أنه من كان بهذه المثابة وقامت به هذه الصفات في الحياة الدنيا أو بعضها ثم تاب إلى الله منها في الدنيا ومات على توبة من ذلك كله فإنه يلقي ربه وهو راض عنه فإن فسح له وأنسا الله في أجله بعد توبته فعمل عملا صالحا بدل الله سيئاته حسنات أي ما كان يتصرف به من السوء عاد يتصرف فيه حسنا فبدل الله فعله بما وفقه إليه من طاعته ورحمه وغفر له جميع ما كان وقع منه قبل ذلك ولم يؤاخذه بشي‏ء منه وما زالت التوقيعات الإلهية تنزل من الله على خلفائه بما يعدهم الله به من آمن بالله ورسله من الخير وما توعد به لمن كفر به من الشر مدة إقامة ذلك الخليفة المنزل عليه وهو الرسول إلى حين موته فمن زمان خلافته إلى انتهاء مدة عمره لا تزال التوقيعات الإلهية تنزل عليه فإذا مات واستخلف من شاء بوحي من الله له في ذلك أو ترك الأمر شورى بين أصحابه فيولون من يجمعون عليه إلى أن يبعث الله من عنده رسولا فيقيم فيهم خليفة آخر إلا إذا كان خاتم الخلفاء فإن الله يقيم نوابا عنه فيكونون خلفاء الخليفة من عند الله لا إنهم في منزلة الرسل خلفاء من عند الله وهم الأقطاب وأمراء المؤمنين إلى يوم القيامة فمن هؤلاء النواب من يكشف الله عنه الغطاء فيكون من أهل العين والشهود فيدعو إلى الله على بصيرة كما دعا الرسول عليه السلام ولو لا إن الزمان قد اقتضى أن لا يكون مشرع بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لكان هؤلاء مشرعين وإن لم يأتوا إلا بشرع رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإنهم كانوا يكونون فيه كما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في شرع من قبله إذا حكم به في أمته فهو فيه بمنزلة الأول الذي كان قبله لا أنه خليفة عنه في ذلك وإن قرره فلما منع الله ذلك في هذه الأمة علمنا أنهم خلفاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وإن دعوا إلى الله على بصيرة كما دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم كما ورد في القرآن العزيز عنه في قوله أَدْعُوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي وسمانا ورثة وأخبر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه ما ورثنا إلا العلم‏

ثم‏

إن دعاءه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في إن يمتعه الله بسمعه ليسمع كلام الله وبصره ليرى آيات الله في الآفاق وفي نفسه ثم قال واجعل ذلك الوارث منا

يعني السمع والبصر فإن الله هو خير الوارثين وقد قال تعالى في الخبر الصحيح عنه كنت سمعه وبصره‏

فهوية الحق إذا كانت سمع العبد وبصره كان الحق الوارث منه الذي هو عين سمعه وبصره فدعا بهذه الصفة أن تكون له حتى يقبض عليها فكأنه يقول اللهم متعنا بك فأنت سمعنا وبصرنا وأنت ترثنا إذا متنا فإنك أخبرت إنك خير الوارثين وإنك ترث الْأَرْضَ ومن عَلَيْها أي أنت الخير الذي يرثه الوارثون من خلفائهم وهم متبعو الرسل صلوات الله عليهم فهو تعالى الخير الذي يناله الوارثون كما أنه خير الوارثين من حيث إنه وارث وهكذا الإشارة في كل خير منسوب مضاف مثل خير الصابرين والشاكرين ومثل هذا مما ورد عن الله في أي شرع ورد ومن التوقيعات الإلهية أيضا المبشرات وهي جزء من أجزاء النبوة فأما أن تكون من الله إليه أو من الله على يدي بعض عباده إليه وهي الرؤيا يراها الرجل المسلم أو ترى له فإن جاءته من الله في رؤياه على يدي رسوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإن كان حكما تعبد نفسه به ولا بد بشرط أن يرى الرسول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم على الصورة الجسدية التي كان عليها في الدنيا كما نقل إليه من الوجه الذي صح عنده حتى أنه إن رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يراه مكسور الثنية العليا فإن لم يره بهذا الأثر فما هو ذاك وإن تحقق أنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ورآه شيخا أو شابا مغايرا للصورة التي كان عليها في الدنيا ومات عليها ورآه في حسن أزيد مما وصف له أو قبح صورة أو يرى الرائي إساءة أدب من نفسه معه فذلك كله الحق الذي جاء به رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما هو رسول الله فيكون ما رآه هذا الرائي عين الشرع إما في البقعة التي يراه فيها وإما أن يرجع ما يراه‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!