Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


251. الموقف الواحد والخمسون بعد المائتين

قال تعالى: لمحمد (صلى الله عليه وسلم): ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾[الأنعام: 57].

قال نوح (عليه السلام) مخاطباً له تعالى: ﴿وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾[هود: 11/45].

وقال فيما حكاه عن يعقوب (عليه السلام): ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾[يوسف: 12/67].

وقال فيما قصه عن يوسف (عليه السلام): ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾[يوسف: 12/40].

قال تعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ﴾[الأنعام: 6/ 62].

وقال تعالى: ﴿لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾[الرعد: 13/ 41].

وقال: ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ﴾[غافر: 40/ 12].

والحكم إثبات أمر لأمر، ونفي أمر عن أمر. وهذه الآيات وأمثالها دلّت على انفراد الحق تعالى بالحكم، وأنه لا حكم لغيره أصلاً، لأنها كلّها تفيد الحصر، خلاف ما يقوله علماء الرسوم، أنَّ الحاكم قد يكون الحق تعالى وقد يكون العقل، وقد يكون العادة. فإثباتهم الحكم للعقل والعادة خلاف النصّ. فإن وافق حكم العقل والعادة الصواب، فذلك اتفاقي، لا حكم بعلم، بل لا يسمّى حكماً، إذا الحاكم إذا لم يكن عالماً بما حكم كان حكمه باطلاً. فالحاكم الحق هو العالم بالمحكوم به والمحكوم عليه، جملة وتفصيلاً علماً إحاطياً من جميع الوجوه والاعتبارات ظاهراً وباطنا، بداية ونهاية، أصلاً وفرعاً، وليس هذا إلاَّ للحق تعالى فلا حكم إل له تعالى ـ.

قيل لي في الواقعة: الناس غالطون في أحكامهم في الأسباب، فإنهم يحكمون على ماكان سبباً لحصول زيد مثلاً، على مطلوب ما يكون سبباً لحصول عمرو على ذلك المطلوب، فغلطوا في الحكم على أن ما كان سبباً لهذا يكون سبباً لهذا، كما غلطوا في التعلّق بالأسباب، على أنها تؤثّر بصورها المحسوسة، ويقولون هذا سبب قوي، وهذا سبب ضعيف، ويتخيّلون أن المسبّبات ما وجدت إلاَّ بها، من حيث صورها. وهذا هو الذي أضلَّ الخلق عن طريق الهدى والعلم، وحجبهم عن الوجه الخاص الذي له تعالى، في كل كائن، فالأسباب والعادات، صور له تعالى وحجبة، وهو الفاعل بها ما يشاء، وم يسمّونه سبباً قد لا يكون سبباً، وربّما كان سبباً لضدّ المقصود منه، إذا نسب م هو سبب لذاته، وإنما يكون سبباً بجعل الحق تعالى له، وخلق السبّبية فيه. والمشاهدة قاضية بهذا. فإنَّا نرى شخصين متّفقين في السن والطبيعة والبلد والمعيشة والصنعة يمرضان بمرض واحد، فيحكم الطبيب بأن دواءهما واحد لاتفاقهما في الأمور المؤثرة في الطبيعة، فيسقيهما الدواء، فيصح زيد ويموت عمرو، فهل هذا إلاَّ أن الله ـ تعالى جعل السبّبية في هذا الدواء لزيد، ولم يجعل فيه السببّية لعمرو؟! فأثبت الأسباب، يا أخي، حيث أثبتها الحق تعالى امتثالاً للأمر واتباعاً للحكمة، ول تعتمد عليها من حيث أنها أغيار للحق تعالى. وشاهد وجه الحق فيها، فلابدَّ من الأسباب وجوداً والغيبة عنها شهوداً، فإذا سمعت أو رأيت من يقول بالأسباب من الكاملين فذلك من جهة وجود عينها، أو يقول برفعها فذلك من جهة تأثيرها، من حيث صورها.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!