الفتوحات المكية

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


فللواحد الرحمن في كل موطن‏ من الصور ما يخفي وما هو ظاهر

فإِن قلت هذا الحق قَدْ تَكُ‏ «1» صادقاً وإِن قلت أمراً آخراً أنت عابر

وما حكمه في موطن دون موطن‏ ولكنه بالحق للخلق سافر

إِذا ما تجلى للعيون ترده‏ عقول ببرهان عليه تثابر

ويُقْبَل في مجلَى العقول وفي الذي‏ يسمى خيالًا والصحيح النواظر «7»

يقول أبو يزيد «2» في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها «3». وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدَّر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإِنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد. ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:

يا خالق الأشياء في نفسه‏ أنت لما تخلقه جامع‏

تخلق ما لا ينتهي كونه فيه‏ بك فأنت الضيق الواسع‏

لو أن ما قد خلق الله ما لا ح بقلبي فجره الساطع‏ «4»

من وسع الحق فما ضاق عن‏ خلق فكيف الأمر يا سامع؟

بالوهم يخلق كل إِنسان في قوة خياله ما لا وجود له إِلا فيها، وهذا هو الأمر العام. والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة «8» ولكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته. فمتى طر


(1) ا: فديتك‏

(2) أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي الصوفي المعروف. قيل مات سنة 261 ه.

(3) ب: به‏

(4) ا: تذكر البيت الرابع قبل الثالث.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في فصوص الحكم



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!