﴿فَمٰا رَبِحَتْ تِجٰارَتُهُمْ وَ مٰا كٰانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [البقرة:16] فإذا جعلت الألف و اللام في نصر المؤمنين للجنس فمن اتصف بالإيمان فهو منصور و من هنا يظهر المؤمنون بالباطل في أوقات على الكافرين بالطاغوت فيجعلون ذلك الظهور نصرا لأن النصر عبارة عمن ظهر على خصمه فمن جعل الألف و اللام للجنس جعل إيمان أهل الباطل بالباطل أقوى من إيمان أهل الحق بالحق فالمؤمن من لا يولي الدبر و يتقدم و يثبت حتى يظفر أو يقتل و لهذا ما انهزم نبي قط لقوة إيمانه بالحق و قد توعد اللّٰه المؤمن إذا ولى دبره في القتال لغير قتال أو انحياز إلى فئة تعضده فقال ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاٰ تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبٰارَ وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّٰ مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بٰاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّٰهِ﴾ فخاطب أهل الايمان و بقرائن الأحوال علمنا أنه تعالى أراد المؤمنين بالحق و أرسل الآية في اللفظ دون تقييد بمن وقع الايمان به لكن قرائن الأحوال تخصص و تعطي العلم بالمقصود من ذلك غير أن الحق ما أرسلها مطلقة لا ليقيم الحجة على الذين آمنوا بالباطل إذا هزمهم الكافرون بالطاغوت لما دخلهم من الخلل في إيمانهم بالباطل فهو عندنا ليس بنصر ذلك الظهور الذي للمؤمنين بالباطل على الكافرين بالطاغوت و إنما المؤمنون بالحق لما تراءى الجمعان كان في إيمانهم خلل فأثر فيه الجبن الطبيعي فزلزل أقدامهم فانهزموا في حال حجاب عن إيمانهم بالحق و لا شك أن الخصم إذا رأى خصمه انهزم أمامه و فر و أخلي له مكانه لا بد أن يظهر عليه و يتبعه فإن شئت سميت ذلك نصرا من اللّٰه لهم فما انتصروا على المؤمنين بالحق و إنما انتصروا على وجه الخلل الذي دخل في إيمانهم و استتر عنهم بالخوف الطبيعي فكانوا كفارا من ذلك الوجه فكان نصرهم نصر الكفار بعضهم على بعض و هم المؤمنون بالباطل لأن هؤلاء المؤمنين بالحق آمنوا بما خوفهم به الطبع من القتل و هو باطل فآمنوا بالباطل لخوفهم من الموت و الشهيد ليس بميت فإنه حي يرزق فلما آمنوا به أنه موت آمنوا بالباطل فهزم أهل الباطل أهل الباطل و هذا يسمى ظهورا لا نصرا إلا إذا جعلت الألف و اللام للجنس فتشمل كل مؤمن بأمر ما من غير تعيين فهذه حكمة تسمية اللّٰه أهل الباطل مؤمنين و أهل الحق كافرين فلا تغفل يا ولي عن هذه الدقيقة فإنها حقيقة و هي المؤثرة في أهل النار الذين هم أهلها في المال إلى الرحمة لأن المشرك آمن بوجود الحق لا بتوحيده و وجود الحق حق فهو بوجه ممن آمن بالحق فما تخلص له الايمان بالباطل إذ آمن بالشريك فتقسم إيمانه فلم يقو قوة إيمان المؤمن بالحق من حيث أحديته في ألوهته قال تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية