و الذاكرون هم جلساء الحق فأورثه الذكر مجالسة الحق و أورثته المجالسة مشاهدة الحق و رؤيته في الأشياء يقول الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه قبله و عمر معه و غيره بعده و غيره فيه و غيره ما رأيت شيئا من غير ارتباط بشيء و أورثته رؤية الحق تأخره عما كان يتوهم من أن اللّٰه تعالى ضرب له بسهم في الربوبية و إنها من نعوته و له فيها قدم بوجه ما فتأخر عن ذلك بالذكر فقال ﴿وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى﴾ [الأعلى:15] أي تأخر إلى مقام عبودته و أفرد الربوبية لله تعالى فأفلح من جميع وجوهه و ليست هذه الصفة مشاهدة لغير الذاكر فالذاكر عبد مخلص لله تعالى أ لا ترى إلى ما قال في الذي اتصف بنقيض هذه الحال لما جاءه ذكر ربه و هو القرآن يذكره بنفسه و بربه ﴿فَلاٰ صَدَّقَ﴾ [القيامة:31] من أتى به أنه من عند ربه ﴿وَ لاٰ صَلّٰى﴾ [القيامة:31] يقول و لا تأخر عن دعواه و تكبره و قد سمع قول اللّٰه الحق و لو لم يكن من عند اللّٰه فينبغي للعاقل إذا سمع الحق ممن سمعه أن يرجع إليه و يقول به ليكون من أهله من رد الحق فما صدق ذلك القول فيما دل عليه قاله من قاله فذمه اللّٰه و قال و لكن استدراك لتمام القصة كذب من أتى به إليه و هو الرسول ﷺ و كذب الحق إما بجهله فلم يعلم أنه الحق و إما بعناد و هو على يقين أنه حق في نفس الأمر فغالط نفسه لكون هذا الرسول جاء به كما قال في حق من هذه صفته ﴿وَ جَحَدُوا بِهٰا وَ اسْتَيْقَنَتْهٰا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا﴾ [النمل:14] ثم قال و تولى بعد تكذيبه بالحق و بمن جاء به فتولى عن الحق
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية