و التأسي برسول اللّٰه ﷺ في ذلك أولى من أن تسنبط حمدا آخر فإنه لا أعلى مما وضعه العالم المكمل الذي شهد اللّٰه له بالعلم به و أكرمه برسالته و اختصاصه و أمرنا بالاقتداء به و اتباعه فلا تحدث أمرا ما استطعت فإنك إذا سننت سنة لم يجيء مثلها عن رسول اللّٰه ﷺ و هي حسنة فإن لك أجرها و أجر من عمل بها و إذا تركت تسنينها اتباعا لكون رسول اللّٰه ﷺ لم يسنها فإن أجرك في اتباعك ذلك أعني ترك التسنين أعظم من أجرك من حيث ما سننت بكثير فإن النبي ﷺ كان يكره كثرة التكليف على أمته و كان يكره لهم أن يسألوا في أشياء مخافة أن ينزل عليهم في ذلك ما لا يطيقونه إلا بمشقة و من سن فقد كلف و كان النبي ﷺ أولى بذلك و لكن تركه تخفيفا فلهذا قلنا الاتباع في الترك أعظم أجرا من التسنين فاجعل بالك لما ذكرته لك و لقد بلغني عن الإمام أحمد بن حنبل رضي اللّٰه عنه أنه ما أكل البطيخ فقيل له في ذلك فقال ما بلغني كيف كان رسول اللّٰه ﷺ يأكله فلما لم تبلغ إليه الكيفية في ذلك تركه و بمثل هذا تقدم علماء هذه الأمة على سائر علماء الأمم هكذا هكذا و إلا فلا لا فهذا الإمام علم و تحقق معنى قوله تعالى عن نبيه ص ﴿فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ﴾ [آل عمران:31] و قوله ﴿لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب:21]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية