الفتوحات المكية

مرحبًا بكم ... في هذا الموقع المخصص لمتابعة العمل على كتاب "الفتوحات المكية" للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومن قبل الدكتور محمد علي حاج يوسف الذي يعمل على تحقيق هذا الكتاب ونشره مع بعض الشرح والتبسيط باللغة العربية ثم ترجمته إلى اللغة الإنكليزية.

يمكنكم حاليا تصفح طبعة القاهرة (الميمينة) وهنا يمكنكم متابعة العمل على مخطوطة قونيا.



الهدف من هذه الطبعة

إنَّ ما قمت به في هذا الإصدار لكتاب الفتوحات المكية مختلفٌ عن أسلوب التحقيق المتَّبع في أغلب الكتب، حيث لم يكن التَّدقيق في المخطوطات المختلفة ضرورياً بسبب توفُّر مخطوطة مؤسسة الأوقاف الإسلامية في اسطانبول(وهي مخطوطة قونية) المكتوبة بخط الشيخ الأكبر محي الدين نفسه، وهي الإصدارة الأخيرة التي اعتمدها المؤلف بعدما عدَّل على الإصدارة الأولى وحذف منها ما شاء وأضاف عليها ما رآه ضرورياً، وهي نسخة واضحة وكاملة وموثقة وتعدُّ المرجع لأغلب النسخ والطبعات التي أتت بعدها. بالإضافة إلى ذلك فقد قام الأستاذ عبد العزيز المنصوب مؤخراً بإصدار تحقيق حديث يمكن اعتباره أفضل طبعة كاملة صدرت حتى الآن، وهي تعتمد بشكل أساسي على مخطوطة قونية. كذلك قام الدكتور عثمان يحيى من قبل بتحقيق أربعة عشر سِفراً اعتماداً على هذه المخطوطة ثم توفي قبل أن يكملها، بعد أن بذل جهداً مضنياً على مدى سنين طوال في مقارنة المخطوطات المختلفة، وقد ضمنها دراسة مختصرة للنص من خلال تقسيمه إلى فقرات قصيرة بحسب الموضوعات التي تعالجها وإضافة تعليقات توضيحية كلما دعت إليها الحاجة، في حين خلت طبعة عبد العزيز المنصوب من ذلك على الأغلب.

إنَّ الدافع الأساسي وراء هذا العمل هو في الدرجة الأولى ترجمة هذا الكتاب الجليل إلى اللغة الإنكليزية، حيث إنَّ أغلب الأبحاث الجدِّيَّة في هذا العصر تصدر بالإنكليزية من قبل باحثين ربما لا يملكون القدرة الكاملة على الغوص في ثنايا أبوابه الطويلة وفقراته المعقدة وموضوعاته المتداخلة، والتي يصعب استيعابها حتى من قبل الكثير من الذين يجيدون اللغة العربية. من أجل ذلك كان لا بدَّ من إعادة إخراج الكتاب أولاً بصيغة أقرب إلى القارئ من خلال إضافة شروحات بسيطة لبعض الجمل الغامضة، وتشكيل الكلمات الغامضة ودراسة حالاتها المختلفة، وتقسيم الفقرات الطويلة، ووضع عناوين إضافية لها بحسب موضوعاتها لكي يسهل الرجوع إليها، لا سيما وأنَّ الشيخ قد بَثَّ علومه ومعارفه في شتى أنحاء الكتاب بشكل مقصود، بحيث لا تكفي عناوين الأبواب أبداً للدلالة على ما في طياتها من المعارف والعلوم المختلفة، وقد يذكر الشيخ فكرة مختصرة في باب ثم يفصلها في أبواب أخرى بعيدة عنها. كذلك فإنَّ تقسيم الأبواب إلى فقرات كثيرة وترقيم هذه الفقرات يسهل عملية الرجوع إليها من قبل الباحثين، سواء في النسخة العربية أو النسخة الإنكليزية، خاصة وأنَّ هذه الأرقام ستكون متوافقة بين النسختين.

الترجمة الإنكليزية

عندما قمت بالبحث حول مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيام، درست العديد من كتبه، وترجمت بعض المقاطع من أبواب مختلفة من الفتوحات المكية، فأدركت كم يحتاج العالم إلى دراسة هذه الموسوعة الشاملة، خاصة وأنَّ أغلب الأبحاث الجادة تتم الآن في الجامعات الغربية وبلغة غير العربية، من قبل باحثين في أغلب الأحوال لا يعرفون اللغة العربية أو لا يجيدونها. لذلك فإنَّ ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الإنكليزية، وربما يُترجم منها إلى لغات أخرى في المستقبل، يُعدُّ أمراً ضرورياً وعلى غاية كبيرة من الأهمية تضاهي جميع الصعوبات التي تواجهه، لأنَّ ترجمة كتاب الفتوحات المكية عمل أشبه بالمستحيل، بسبب ضخامته وعمقه والأبعاد المختلفة للموضوعات التي يتناولها، كما أنّ أسلوب الشيخ الأكبر واللغة التي استخدمها في هذا الكتاب تشبه السهل الممتنع، حيث يمكن فهمها على مستويات عديدة.

إنَّ الأسلوب البديع الذي اتبعه الشيخ محي الدين في الفتوحات يسهل دراسته بالنسبة للقارئ الذي يجيد اللغة العربية، حيث يمكن أن يستفيد علوماً جديدة في كلِّ مرَّة يعيد فيها قراءة الفقرات أو بعد الاطلاع على الأبواب الأخرى التي كثيراً ما تشرح موضوعات عميقة طرقها الشيخ من قبل بشكل مختصر. ولقد ذكر الشيخ في مقدمة الفتوحات، حين تكلم عن مستويات العقيدة، أنه لم يذكر عقيدة الخلاصة الذين هم خلاصة خواص أهل الله تعالى، في أيِّ موضع محدد ولم يصرّح بها، لما فيها من الغموض، ولكن جاء بها مبدّدة في أبواب الفتوحات المكية؛ فمن رزقه الله الفهم فيها يعرف أمرها ويميِّزها. ولكنَّ هذه الميِّزة نفسها تجعل أيَّ ترجمة أو شرح لهذا الكتاب أمراً لا يمكن تحقيقه إلا بعد عدة قراءات متأنِّية لهذا الكتاب الضخم ولكتب الشيخ محي الدين الأخرى، والتي ربما تكون أصغر حجماً ولكنَّ بعضها يشبه الكنوز المطلسمة التي يستحيل فكُّ ألغازها.

عندما فكرت بترجمة هذا الكتاب استشرت أحد المختصين الكبار بدراسة كتب الشيخ محي الدين، وهو ممن يجيدون اللغة العربية والفارسية وعدة لغات أوربية بالإضافة إلى لغته الأم وهي الإنكليزية، فقال لي: "إنني شخصياً أعرف بعد عقود طويلة من الخبرة، وأعرف أنَّ هذا الرأي يشاركني به جميع الباحثين الذين لديهم خبرة تفوق خبرتي الطويلة بهذا الكتاب، أنَّ مجرَّد التفكير بهذا المشروع يعدُّ ضرباً من الجنون وربما يؤدي إلى نتائج محرجة تؤثر سلبياً على صاحبها حينما يأخذ على عاتقه بشكل جديّ مثل هذا العمل الجليل." وذلك لأنَّ أيَّ دراسة جدية لهذا الكتاب تستدعي معرفة عميقة بموضوعات واسعة مثل الفلسفة وعلم الكلام وعلوم القرآن والحديث والفقه والأصول، وربما تحتاج الجملة الواحدة صفحات طويلة من الشرح، وقد تكون هناك بعض العبارات الملغوزة والتي لا يمكن فهم النص بشكل كامل قبل حلَّها.

لعل هذه الأسباب وما شاكلها كانت وراء عدم ظهور أي ترجمة شاملة للفتوحات المكية، حتى الآن، ولكن، من جانب آخر، فإنَّ توفر النسخ الإلكترونية النصية والمصورة له ميِّزات كثيرة تسهل عملية البحث في الكتاب وربط موضوعاته المتناثرة، وتسهل بنفس الوقت عملية تعديل ما تم إنجازه كلما دعت الحاجة إلى ذلك. فمثلا: الفتوحات المكية مبني على مصطلحات خاصة ذات ألفاظ متقاربة، والتي يصعب التفريق بينها باللغة العربية نفسها فكيف يمكن ترجمتها وهي تشكل أساساً تبنى عليه العديد من النصوص في الأبواب الطويلة لهذا كتاب. بيد أنَّ برامج التنسيق المتاحة حالياً تسهل علينا الأمر بشكل كبير، فحينما أضطر أن أستبدل كلمة اصطلاحية بكلمة أخرى أجدها أفضل وأدق منها في وقت لاحق بعد أن أكون قد استخدمتها وبنيت على أساسها؛ يمكنني أن أقوم بذلك بشكل آلي أو شبه آلي يقوم باستبدال الكلمات في مئات الصفحات خلال بضع ثوان، وهذا الأمر لم يكن متوفراً للباحثين والكتاب في العقود الماضية. إضافة إلى أمور فنية كثيرة أخرى تمكننا الآن من معالجة النصوص الكبيرة بسهولة لم تكن متوفرة من قبل على الإطلاق.

على كلِّ حال، ورغم إدراكي العميق لجميع هذه الصعوبات التي سردنا بعضها أعلاه، قرَّرتُ البدء في هذا المشروع حتى وإن لم يكن بإمكاني إتمامه، فما لا يُدركُ كلُّه لا يُتركُ جلُّه. والحقيقة أنني أدركت، بعد أن قمت بترجمة أوَّلية للسفرين الأول والثاني، أنَّ هذا المشروع لا يمكن إنجازه أبداً، فهناك في واقع الأمر صعوبات أخرى كثيرة لا يمكن حصرها. لذلك توقفت عن الترجمة مدة سنتين، ثم بدأت طرق النشر تتطور، وبدأت تنتشر الكتب الإلكترونية التي لا تحتاج الكثير من الجهد والمال، فقمت بنشر السفر الأول على شكل مسودة أولية (حوالي 400 صفحة)، وكانت النتائج مبهرة. لقد كان هناك إقبال كبير على الكتاب رغم كونه مجرد مسودة أولية ورغم احتوائه على أغلاط كثيرة، وتلقيت ردوداً كثيرة تشجع على المضيِّ قدماً في هذا العمل.

لقد كانت هذه التجربة في ترجمة ونشر السفر الأول ذات فوائد جليلة وعظيمة، واستطعت الاستفادة من الكثير من الأخطاء وتقويمها، ولذلك قررت الاستمرار في هذا المشروع بتفرغ شبه تام وبكل ما أوتيت من قدرة وإمكانيات، والله ولي التوفيق.

الطبعة العربية

مع أنَّ الهدف الأساسي وراء هذه الطبعة هو ترجمة الكتاب إلى اللغة الإنكليزية، إلا أنَّ هذا الأمر لا يمكن أن يتم دون دراسة متأنِّية تتضمن إضافة بعض الشروحات والتعليقات وتقسيم النص إلى فقرات بحسب الموضوعات المطروقة ثم ربط هذه الفقرات ببعضها عن طريق الفهارس والتعليقات التي في الهوامش. لذلك، بالإضافة لكونها أصلاً للطبعة المترجمة، فإنَّ هذه الطبعة العربية ستكون ذات فائدة كبيرة للقارئ العربي، ويمكن استخدامها بشكل مستقل تماماً. كذلك، فإنَّ الشروحات والهوامش والتعليقات في هذه الطبعة ستكون مخصصة للقارئ العربي، ولن يتم تضمينها كلها في الطبعة المترجمة والتي تحوي شروحات وهوامش وتعليقات أخرى لا تكون ضرورية للقارئ العربي.

فالطبعة العربية مستقلة تماماً عن الطبعة المترجمة، في حين يمكن للقارئ والباحث الأجنبي الرجوع لهذه الطبعة العربية بسهولة إذا ما أراد المزيد من البحث والتحقق، ولذلك جُعلت أرقام الفقرات متوافقة بين الطبعتين.



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!