The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


360. الموقف الستون بعد الثلاثمائة

قال تعالى:﴿ الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ﴾[ الحجر: 15/1].

قيل لي زِدْ هي تسمية كتابك «بالمواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف» إذ القرآن من القرء، وهو الجمع، ولما كان جامعاً تجاذبته الحقائق الإلهية والكونية، فإنه ترجمة حقيقة الحقائق الجامعة للحقائق الإلهية والكونية، وترجمة أحكامها وأحكام تفاصيلها، وترجمة المظهر المحمدي، وترجمة أحواله وأخلاقه، وترجمة أحوال متابعيه. فالقرآن من العلم الإلهي بمنزلة الإنسان من العالم، فإنه مجموع العالم، أعني الإنسان الكامل. فالإشارة بتلك الأعيان الخارجية المحسوسة والخيالية آيات وعلامات على ما في الكتاب العلم الإلهي. فالموجودات المشار إليها بتلك نسخة المعلومات الغيبية المنتسخ منها، وهي العلم الإلهي وآيات وعلامات على ما تضمنه القرآن الكلام القديم. فليس المراد من تسمية الكلام القديم بالقرآن كونه جامعاً للحروف والكلمات والآيات والسور فقط، بل لكونه جامعاً للمعلومات الإلهية متضمناً لها. عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله. إذ كلامه حقيقة واحدة أظهر بها معلوماته التي لا نهاية لها. والقرآن الكلام القديم مبين لها وكاشف عنها، فإن حقيقة البيان دليل يحصل به الإعلام فيفهم من فتح الله في الفهم في القرآن ما قدر له حسب استعداده وما قسم له من الفيض الذاتي والحكم الأزلي. فيأخذ السعيد منه ما يسعده وينفعه، ويأخذ الشقي منه ما يشقيه ويضره. والكل مراد الله في كلامه، من آخر زنديق إلى أعلى صديق.

﴿ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً﴾[ البقرة: 2/26].

إذ الربوبية تقتضي لذاتها أن يكون في العالم شقي وسعيد، لاختلاف النسب الإلهية وتضادها. يقول علي بن أبي طالب عليه السلام "إلا فهما أعطيه رجل في كتاب الله"! لما قيل له: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل البيت بشيء من العلم. ويقول ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه : ما حرك طائر جناحيه في السماء إلا وجدنا ذلك في كتاب الله. ويقول شيخ الشيوخ أبو مدين: لا يكون المريد مريداً حتى يجد في القرآن كل ما يريد. وقال بعض سادة القوم: لو ضاع لي عقال لوجدته في كتاب الله. وقد علم الشيخ محي الدين الحاتمي كونه ختم الولاية، يعني الوراثة المحمدية الخاصة لا مطلق الولاية، وعرف اسمه واسم أبيه وقبيلته وزمانه ومولده ومسكنه من آيات من القرآن ذكرها مرموزة في كتابه "عنقاء مغرب في ختم الولاية وشمس المغرب" يريد نفسه(1). والحكايات كثيرة عنهم في هذا. وفي الصحيح: ((إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف)).

والمراد من الأحرف ها هنا على طريق الإشارة، النسب الإلهية، العلم الإرادة والقدرة الكلام والسمع والبصر والحياة التي هي شرط في الجميع. فالقرآن أنزل متضمناً ودالاً على ما تقتضيه النسب السبعة، وهي المعلومات والمرادات والمقدورات والمسموعات والمبصرات والكلمات، والحياة أصل ثبوت الجميع. والعلم أعمه وإمامها وإليه ترجع بجملتها.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!